Wikipedia

Search results

Friday, September 13, 2019

الوعي

ب رغم ازدياد الوعي حقه وزيفه .وبرغم ايمان كثير من البشر بأرواحهم يقين الايمان والجوهر .رغم الوصول للحب الالهي .هناك دائما وصول لنقطه الولوج للاشيئ وكل شيء .الوجوديه والعدم .
خروج من الماده للاشيء
وهبوط من الاشيئ للماده
قانون طرف مفقود
سر الوجود
#يتبع

Friday, September 6, 2019

سر الوجود_قبل ان ازهد بكل شيء ساستزيد من كل شيء

عرف الإنسان أن سر الوجود كامن فى المحبة وأدرك أن المعرفة ليست فعلا
عقليا بل فعل داخلي ينبع من محبة الكل وينتهي فيها هكذا اكتشف الإنسان
أن جوهر الحكمة يتمثل فى شعورنا بالجمال والمحبة والحقيقةقبل أن أزهد في كل شيء.. سأستزيد من كل شيء .. لأن كل شيء وافر .. فلماذا هذا الشح ومم الخوف ..لماذا كل هذا الشعور الأحمق بالذنب .. اذا نحن حلمنا.. أو تمنينا.. أو اشتهينا .. أو طمحنا.. لماذا الخوف من النفاد … ان كان ما نخاف من نفاده لا ينفد
ان التكيف مع القليل فضيلة اذا كانت الفضيلة تعني كل ما يفضي الى راحة البال وقلة الألم للكل… هنا يصبح التكيف مع القليل فضيلة .. لأن المتكيف مع القليل في هذه الحالة يصبح مرتاح البال من الرغبة في المستحيل .. ولكن هذا صحيح فقط في حالة المستحيل … اي حالة من لا يعرف أي طريقة يستزيد بها ويحقق مشتهاه… أما لمن وجد السبيل… ولو كان صعبا … فالتمرد بالنسبة له يصبح الفضيلة … التمرد على الواقع الذي يمكن تغييره..
أما في حالة ذلك العاجز .. الذي عليه أن يتكيف مع القليل… فهو يستطيع ان يتمرد رغم تكيفه … هذا التناقض موجود … يتكيف مع القليل كي يستحمل العالم … وتحمل العالم اللامعقول هو تمرد على طبيعة هذا العالم … .. الذي لا يحتمل … وأفضل استجابه للاجدواه …
ضمن تكيفك تمرد .. واخلق عالمك الخاص… ولو كان ضمن حدود عقلك …. فهذا العالم بظواهره وبناسه وبتاريخه يريدك ان تفكر بطريقة معينة .. فإذا أنت تمردت على هذه الطريقة في التفكير كنت متمردا … رغم تكيفك مع بؤسك أو ضعفك أو قبحك

أجمل صوفي متمرد كان السهروردي المقتول، فرغم أنه أصبح حكيما متألها في عمر مبكر جدا، وامتلك مفاتيح العرفان والعلم الإلهي، الا انه لم يكن مجرد زاهد، بل اراد ان يستزيد من كل شيء قبل ان يزهد في كل شيء. وأراد القوة قائلا: لا بد أن أملك الأرض
. .
هو

.

لما كان “النظام” طريقة لتهذيب الحقيقة وكأنها غير مهذبة، أو كأن التهذيب شرط لتقبلها، كان من الطبيعي أن تنشأ وتحت وطأة النظام نفسه ردة فعل تعيد الاعتبار للحقيقة، شيء من الصعلكة الجامحة التي هي مع كل جموحها ردة فعل “مهذبة” كونها رغم حساسيتها النقدية المفرطة للترتيب الموجود، غير معنية بدخول صراع تناحري يؤجل الحقيقة، حجتها الشرعية هي الحقيقة الغائبة أبدا، والرفق المطلوب أبدا، والحب الدائم أبدا ،وإذا كانت -ردة الفعل- في تجاوبها مع ما هو موجود هنالك “مهذبة”، فهي وقحة بحب، تحتقر تهذيبها الذي لا غنى عنه،و تتمرد على ما هنالك بتجاهله وعمل كل ما يتصور النظام أنه تمكن من أن يكون عائقا في وجهه
images

تبطل النظام دون أن تتحداه، وتنهي فاعليته دون أن تصارعه، بالحقيقة والحب تتكيف، وبهما تتمرد
ومن هنا انطلق الصوفي المتمرد، دون أن يعرف نفسه أو يثقلها بالوصف، هو ببساطة الشاهد المحب العاذر المشتهي، هو المتجرد دون تكلف، هو الذي يتذكر أنه وراء كل شيء، وراء كل حادث أو صراع أو غاية أو صورة، مساحات شاسعة من اللا شيء، لذا لا يجد صعوبة في أن يتقبل كل شيء، و أن يبدأ من جديد في كل لحظة
هو ذلك الذي يعيش مع تناقضاته، يتمرد عليها بقبولها، يثور بالاستسلام للجبرية مع الشهادة الساخرة عليها .. تمرد على المصير وتكيف معه
حياده تجاه نفسه، مقابل بابه المفتوح أبدا للملذات والموصد أمام الأوجاع
فتوره تجاه العالم، مع كل هذا التعاطف مع الآخرين
هو المحب وإن كره … المتقلب كيفما اتفق .. المعتذر كثيرا … الفاتر وإن أبدى الاهتمام … خمرته لا تسكر ولا تعربد.. بل يخوض بها خروج نفسه إلى الخارج .. وحشيشه لا يغيبه ولا يفسد حضوره… بل يخوض به دخول نفسه إلى الداخل…
هو الشاهد أبدا … لا ليصدر الأحكام ولا للمعرفة ولا للعبرة… هو المحايد تجاه نفسه، الساخر من ضآلتها إذا ما شعر لصوفيته أنه الكل، المتعالي على ضآلتها بالحلم، إذا ما ألح عليه تمرده
هو الذي إذا رأى أن شيئا ما قد غلب، اشتاق إلى نقيضه
هو الذي يجد في الاحتيال على النظام تحديا أكبر له من إسقاطه
هو الذي يستسلم لأعتى شهواته بلا اي شعور بالذنب ولأنبل ساعاته بلا أي شعور بالرضا عن النفس
وهو الذي لا يهتم لكونه كذلك، إنه أنت حين تعيش كل شيء تمليه عليك اللحظة، لذا أحبك لأنك أنا و هم، أيها الأنت
أليس كل واحد من السبعة مليارات، على الأقل، هو ذلك الأنت؟
اللوحة الناقصة

tumblr_lv4hm4MnUj1r24kzco1_500


حدثني الصوفي المتمرد عن اللوحة الناقصة .. وذلك حين سألته عن طابع هذا العالم
هذا الماتريكس .. التجربة الواعية الذاتية المنفصلة … التي ينفرد بها كل واحد منا … فهي عالمه .. هي كل ما هنالك بالنسبة له ..
فقال لي:
إن هذا الواقع الافتراضي مشروط بالانفصال … وجود تجارب واعية ذاتية منفصلة ينتج عنها لكل واحد منا إيجو أو (أنا) تخوض العالم بنفسها …
وحين سألته : هل من سبيل إلى اللاعنف المطلق .. أو اللاحكمية المطلقة … أو اللاسلطة المطلقة .. أو المحبة المطلقة … أو المعرفة المطلقة؟
أجابني:
إن هذه هي كلها سبل الاستنارة وجوهر ما هنالك .. ولكن شرط هذا العالم أن لا تكتمل هذه السبل ..
فاللاعنف سبيل … امض فيه قدر استطاعتك … تجنب العنف .. لكن اللاعنف المطلق لا يمكن تحقيقه كاملا في هذا الواقع … فبعض العنف مشروط من طبيعة الواقع الافتراضي نفسه .. مفروض بقوانين الطبيعة التي تفرض سلما غذائيا وكائنات تسبب الأمراض منها ما هو مجهري .. عنف لا غنى عنه .. وألم لا غنى عنه .. حتى عند غلي الماء قد تموت بعض الكائنات .. وكذلك عند العلاج … وإقناع الكائنات الأخرى باللاعنف غير ممكن … اللاعنف المطلق لا يمكن تحقيقه ضمن هذا الواقع إلا بالموت .. بالكف عن الفعل .. أي أن شيئا من العنف هو من شروط الحياة
واللاحكمية سبيل … لا تخرج منه ما استطعت … لكنه أيضا لا يكتمل كلية إلا بالكف عن الفعل والانفعال … أي بالموت .. وضمن هذا الواقع الافتراضي أو العالم، ستكون بعض الأحكام من شروط الحياة نفسها …
وكذلك السلام الكامل .. والعدالة الكاملة … واللاسلطة الكاملة
المحبة اللامشروطة مثلا ،، ستفلت منك حتما في بعض الأحيان لأن استحضار اللاشيء الذي هو كل شيء لن يكون بوسعك دائما …
كل هذه السبل لا تعرف الكمال ضمن هذا العالم … وكأن البشرية هي –كما يخلص البير كامو في “السقطة”- لا يمكن أن تتخلص من الخطئية …
ولما سألته: كيف نمضي في هذه السبل قدر استطاعتنا
قال لي:
لست حرا ما دمت تسعى .. لا تسع إلى الخير .. وبقدر ما تكون صادقا في كل شيء في شهادتك على التجربة الذاتية الواعية التي أنت محصور فيها طالما كنت “أنت” فقط.. وفي حالة الانفصال.. أي في الحياة … بقدر ما تمضي في تلك السبل دون أن تسعى إليها
والأهم .. أن لا تسعى إلى إثبات أي شيء …
ولكن مهلا… أليس الحرص على عدم محاولة إثبات شيء .. سعيا .. يتحول في النهاية عادة إلى محاولة لإثبات أنك لا تحاول الإثبات
ان شيئا من كل ذلك هو شرط هذا الوجود المنفصل في تجربته الواعية … لا يمكن الافتكاك من الايجو تماما الا عند الموت
لذا فالعيش بتلقائية كبيرة .. وعدم محاولة الظهور بأي مظهر … وعدم الحرص على أي شيء .. هي سمات الصوفي المتمرد.. الذي لا يمانع أن يموت في سبيل الحق .. ويذكره التاريخ على أنه أخس خسيس … ويبصق الناس على قبره كل يوم … ان يعيش في سبيل اللاعنف.. فيموت على أيدي من يزاودون عليه بالإنسانية .. الصوفي المتمرد يصل إلى الحياد إزاء نفسه … فهو الشاهد أبدا … ولو أنه يرى حياته تعرض أمامه من موقع ال”هو” .. فقد يدين نفسه ألف مرة قبل الآخرين … ويتلذذ ويشفى صدره حين يعاقب على شيء ما …
فالأنا ليست حقيقية … بل هي ورطة الشهادة … هذه التجربة الواعية الذاتية هي ما “قدر له” أن يشهد عليه… لكنها ليست هو .. لأنه لا هو .. فالكل هو.. وهو الكل
هو لا يهمه أن يظهر بمظهر الحكيم … او بمظهر من لا يشتهي .. حتى أخس الأشياء .. أو بمظهر من يبالي لوجع الآخرين دائما .. أو بمظهر من لا يحقد … فإذا كره .. بدا عليه .. ولم يزعجه ذلك …
وفي سبل تمرده التي يسير فيها بتجرد .. قد يحب أضعاف ما كره .. وتبقى عند “الآخر” صورته ككاره هي ما رسخ وبقي .. أو ربما صورته كقاتل حتى … وهذا لا يخدشه ولا بالحد الأدنى…
وبهذا فإن عدم محاولة ترك أي شيء للذكرى … بل عدم محاولة حمل أي ذكرى .. هي من سمات ذلك الصوفي
هذه الشهادة المجرد ،، تصبح هي الجوهر حين يأتي الاتصال … وينتهي الانفصال … ويسقط كل شيء دونها …
ولما سألته: ماذا يريد الصوفي المتمرد… هل يريد أن لا يريد ؟ أم لا يريد أن يريد؟
قال:
هو لا يريد شيئا .. وهو مع ذلك يريد كل شيء
الذات الممتلئة
منذ أن حدثني الصوفي عن العالم باعتباره لوحة ناقصة، نقصانها هو شرط وجودها ووقود حركتها ومحفز تناقضاتها.. وأنا متمرد على نقصانها بعدم التذمر عليه.. وكأنها بنقصها تكتمل رغم أنفها … وأستسلم لنقصانها بالشعور بالعرفان لكل ما يخلقه هذا النقص من لذة … متعة الصراع المؤقت .. واللذة المؤقتة … التي ينبغي أن أخوضها ما استطعت إليها سبيلا .. قبل أن أقرر تركها لأوفر على نفسي عناء فقدانها رغما عني..
ولكن يبقى ذلك الشعور بالضآلة … بالضعف .. بالانهزام .. رغم استشعاري لحياد الكون تجاهنا جميعنا … تجاه المليار القطيع .. وتجاه الفرد المتمرد … لم أتمكن من هزيمته … فاللا-انفعال سبيل مثل سبل اللوحة الناقصة.. تخاض ولكن لا تستحضر في كل لحظة …
فكيف أهزم شعوري بالوحدة .. بالخوف من الشماتة .. بالخوف من اتفاق الجميع على أنني كنت خاطئا.. أصبحت عبرة بسوء خاتمتي… وما انتهى إليه مصيري .. وكأن المصير عقوبة … أخاف أن أصبح عند الجميع عبرة … ويثبت برهانهم الكاذب على أنني الشر.. أشعر بالهزيمة وأشتاق إلى أي قطيع … إلى أي طمأنينة
وحين لجأت إلى الصوفي المتمرد
قال لي بأن إحساسي بأني وحيد هو محض وهم يخلقه الانفصال.. ويجليه استشعار الوحدة والاتصال .. وأن الذات بطبيعتها ممتلئة… لا تفرغ أصلا لتمتلئ… وبأن هذا الواحد الذي يدينه الباقي .. هو نفسه الباقي الذي يدين الواحد … وبأن تجربته الواعية الذاتية (الأنا) … هي شهادة .. وبأن الرغبة في ملء النفس التي تشعر بالضآلة هي المشكلة وليست الضآلة التي ليس لها وجود…
وذكرني الصوفي المتمرد بالتماهي (استحضار شعور الآخر)
كنت قد نسيته … كان قد أصبح بالنسبة لي “أداة أخلاقية” … شيئا مثاليا أتصور أني يمكن أن أستخدمه لأفهم الآخر ..
في حين أن التماهي لا يتم إلا باستشعار تجربة الآخر .. بحيث لا يعود آخر .. بحيث أستشعر تلك “الأنا” التي تدينني وتريد قتلي وتتلف أعصابها مني … فأدرك صميم غيظها .. أهو سوء فهم… أم حسد .. أم جهل .. أم حاجة وجدانية تتصل ببواطن البواطن…
هل بعد كل هذا ضآلة .. أو لا طمأنينة … أو خوف من مصير يظنه الآخرون عقابا ..
أراحني كلام الصوفي .. ولم أدر هل كان علاجا أم كان حقيقة …
وسألته … إلى أين أمضي بذاتي الممتلئة … وهل أبشر بذلك .. هل أواصل البحث عن الحق والمعنى؟
فقال الصوفي: نية البحث .. تخفي وراءها كل شيء … و كذلك تخفي اللا شيء … وهنا متعة الاختيار … بشر اذا اردت ذلك.. ولا تبشر اذا لم ترد .. ابد للناس حكيما .. أو ابد سفيها… ابد جميلا أو ابد قبيحا… ابد قليل الكلام مهيبا .. أو ابد كثير الكلام مهينا … ابد كما تريد … وكما لا تريد .. ولتكن الشهوة متقطعة والحكمة متقطعة .. والغاية مفقودة
… ولا حاجة لك بشيء مما قلناه .. فالصوفي المتمرد الحقيقي لا يشغل باله بكل ذلك … بل يعيش وكفى
خلاصة

quietbyjimandlynnlemyre

إذا كان الصوفي المتمرد يتمرد بالتكيف ويتكيف بالتمرد ويمثل بوعيه وسلوكه حالة من الحقيقة، كشاهد لا ينزه نفسه ولكن نفسه ممتلئة دائما، فإلى متى.. إلى متى كل ذلك… وما المصير، وهل من مصير في دائرة اللانهاية المتجددة، وهل من سعي إلى مصير ما…
يقول الصوفي المتمرد “لست حرا ما دمت تسعى”
فحين يعترف المرء بجبريته ويدرك ضعفه وميكانيكيته ويمل الكفاح وتحدي الواقع ليسبر جوهر “اللاجدوى”، فإنه سيصل أخيرا إلى حالة اللاغاية النيرفانية التي لا تطلب شيئا ولا تمانع شيئا ولا تتعلق بشيء، فينصاع راضيا مرضيا إلى المسيرة والمشيئة، ويصبح التكيف هو ردة الفعل الدائمة، في حالة توحد مع الكل يتلاشى فيها كل شيء سوى الشهادة على الكل، وهذه هي حالة اللاشيء الواعي…
فما بال المتمرد يحدثنا عن اللوحة الناقصة “طبيعة العالم الضرورية” ويمشي بذات ممتلئة ويعيش الوجود كنزهة طالما أنه يبصر الوجهة النهائية، فهي وإن تجددت لتشتعل عند البداية والنهاية دون الطريق بينهما ودون السبل التي تكتنفها الضرورة والنقص، فلماذا يؤجل “اللاشيء الواعي”، الذي هو البهجة اللامنتهية، والممكنات اللامحدودة؟ لماذا يؤجل المصير..
يقول الصوفي المتمرد “المصير ليس عقوبة وليس مكافأة”
فلو تحدثنا عن حياة ذلك المادي الذي يعيش ظانا أنه شعلة توهجت للحظة في الكون ثم تنطفئ نهائيا بالموت، حياة ذلك المادي إذا ما نظر إلى المصير تقوده إلى الانتحار، ففيم يؤجل الموت، إن إجابة ألبير كامو على ذلك كانت “بالتمرد”، وتمرد كامو يمثل جوهر الصوفي المتمرد، فهو يتقبل كل شيء، ويتمرد على كل شيء، وإذا ما كان انشغاله اليومي لا مجديا في جوهره، فلذة الكفاح تملأ قلبه، واختياره لأي شيء حتى للون قميصه، وسط كل هذه الجبرية هو حرية، في حين أنه غير مهتم للون القميص فلا يتعلق به ولا يمانع غيره، وسط هذه الواقع العبثي، وضروراته الجارفة، الألم والتعلق، يتكيف سيزيف مع عقابه فيحمل صخرته التي تتدحرج في كل مرة قبل أن يصل إلى القمة، ليعود ويحملها من جديد، وهذا التكيف هو تمرد على العقاب إذ أن التكيف مع العقاب يفرغه من مضمونه كأداة للكسر والقهر…
فالتمرد بالتكيف والتكيف بالتمرد لا يتضمن قرارا بالسعي إلى المصير أو الامتناع عنه، ولعله يشتعل على طول الطريق، لا في البداية والنهاية فقط، فيتيقظ منذ البداية إلى النهاية، فلا هي غفلة عن المصير، ولا هي انشغال بالمصير عن السبيل، لذا قال الصوفي منذ البداية “قبل أن أزهد في كل شيء، سأستزيد من كل شيء”
وسط كل هذا الضجيج، كيف يكون الصوفي المتمرد حرا إذا كان فعله الرئيسي هو الشهادة؟
يقول الصوفي المتمرد “قد أجد في صمت وهدوء الشاهد حرية لا يضاهيها شيء سوى اللاشيء”
يستشهد وودي آلن في بداية فيلمه الشهير آني هول باقتباس يقول : “لن أرغب أبدا في الانضمام لناد يقبل بشخص مثلي عضوا فيه”
ألا تعبر هذه الجملة الساخرة عن الهيستيريا الفجة لدى من يريدون التحرر من التحرر من الحرية وأن يؤنركوا الأناركية ويسفسطوا في دوائر منع المنع ثم منع منع المنع ثم منعه إلى ما لا نهاية، ليسبقوا العالم إلى ما بعد بعد بعد الحداثة ، والواقع أنهم مكبلون بنرسمعنا كثيرا عن تجارب الاقتراب من الموت ولكن لن يستطيع أبطالها شرح مفهومها أو آليه حدوثها .أو بالأحرى دعونا نقول لن يكترث الكثير....
مع الموت تأتي الحكمه .لقد كنت قادرا من الحصول على بعض الاجوبه عن التساؤلات المتعلقه بخروج الروح من الجسد .تلك التجربه التي تبدأ بشعور ببروده في الأطراف .يعقبها شلل تام بالجسد مع رهبه ثم تحول البصر لضوء خافت ما يلبث ان يتحول لضوء قوي .مع زياده الشعور الروحي واضمحلال الشعور المادي .وبدأ لتقبل الحياه الجديده حياه الأموات هناك حيث أنني كالضوء أشعر بالتحرر والراحه من ثقل الجسد المادي .اعرف كل شي .كل شئ واضح وبسيط .هناك الحقيقه أكثر نقاءا يمكنني العوده مرات عديده بعد تقبل الحياه أو النفس (الكارما) الجديده ...ّ
إن فكره الأحساس بالألم المادي من الموت هو ما يدفع للخوف من الموت ..أن خروج الروح كخروج ضوء أو موجات عاليه التردد من الجسد .منطقيا لم تفهم تلك اللحظه إلا إذا مررت بها هناك حيث الترفع عن اي شي .حيث ستبدأ المرحله الوسطى .سينعدم الشعور بثقل الجسد المادي ستشعر بانعدام الوزن .بالاسترخاء التام سيكون أشبه بالقفز خارج النافذه والتحليق عاليا ..ستتمكن من العوده للأرض متى شئت .سينعدم اي معرفه سابقه لجسدك المادي الذي كنت تتجسد به ...ستفقد إحساس الوقت والزمن .ربما تكون قادرا من العوده كافكار في عقول بعض ممن تعرفهم .الآن سترى الجميع منشغلون ستراهم بعد ان تتقبل فكره انك بالفعل أصبحت روح فارقت للتو الجسد المادي ..والأمر غير مؤلم كما يظن الكثيرون أنه اسهل من اي شي .ستكون جزء من الدوره الحياتيه كشخص جديد .والتي ستدرك أنه ينبغي زياده مكتساباتك الروحيه للارتقاء درجه في دورات التجسد العديده ...قبولا بفكره السببيه والنتيجه سينعكس على روحك ما قد سبق لك من أفعال وانتا بالجسد المادي .بمعنى أنه كلما صلحت روحانياتك وافعالك صلحت روحك في تلك الدوره الجديده وهنا نقترب من مفهوم الثواب والعقاب بالأديان وهوه ما سنتطرق له باستفاضه لاحقا عند ربط الروح بالأديان والمعتقدات .حيث انه من غير المتاح التواصل مع مستويات أعلى لكن يمكن التوصل مع مستويات أقل ككل الكائنات الحيه .....يتبعجسيتهم، كون الحرية المطلقة موجودة في ثنايا الهدوء واللاشيء، لا في الصوت العالي

منقول

Thursday, September 5, 2019

العناصر الاربعه

العناصر الأربعة في حياتنا اليومية والروحية

هناك مصدر أو طاقة إلهية بدئية والتي هي مصدر كل شيء مرئي وغير مرئي في هذا الكون. عندما تبدأ هذه الطاقة الخلاَّقة بأخذ طابع ما، يظهر قطبان تعبيريان واللذان يعطيان كل الثنائيات الموجودة في العالم. يطلق على هذين القطبين أو الثنائية أسماء مختلفة فقد نسميهما:

1) الأب أو الروح. 2) الأم Mother أو المادة Matter.

من الاثنين ينشأ الثلاثة، والثلاثة معًا تمثل الواحد. إن جوهر الأب أو الروح أو اليانغ يتظاهر بالإيجابية والذكورة والسيطرة والحركة النابذة والمنطق ويعبر عن رغبة التكوين وبالتالي النمو؛ بينما يتظاهر جوهر الأم أو المادة أو الين بالسلبية والأنوثة والاستقبال والحركة الجاذبة والإرهاف في الإحساس والرعاية، وتعبر عن حكمة التركيز وجلب الأضداد معًا من أجل رعاية بذور الخالق من أجل ولادة جديدة واستمرار الحياة. يحصل اتحادهما من خلال قوة الانجذاب أو المحبة وينجم الابن أو النفس، والمحبة توحِّد وتؤدي إلى زوال العزلة. إن طاقة الإرادة طاقة كهربائية إيجابية أو سلبية، أما المحبة فهي طاقة مغناطيسية تجذب الأب نحو الأم، أو الذكورة نحو الأنوثة، أو اليانغ نحو الين وبالعكس؛ ومن اجتماع المحبة مع الإرادة تتولد طاقة كهرطيسية.

من خلال هذه التعابير الإنسانية، نقول إن الأب يعطي بذور تولُّد الطفل وتكوُّنه، وتقدم الأم الخواص الاستقبالية للرحم كي ينمو الطفل، وبواسطة حكمتها تستخدم المواد المعطاة من الأب للحصول على أفضل شروط نموِّ الطفل، وكلاهما يشارك بنفس الأهمية لتكوين الطفل (أو النفس) والتي تعبر عن قوة محبتهما.

يتكون كل شيء حيٍّ من التداخل بين المادة والروح، ولذلك كان لكل شيء حيٍّ نفس بدءًا من الذرة وحتى المجرة، وفي كثير من الحالات، قد تكون النفس جمعيَّة أي أنَّ نفسًا واحدة تخص مجموعة من العناصر، كما هي حال معظم عناصر الطبيعة باستثناء الإنسان، حيث يوجد نفس واحدة مميزة لكل إنسان، وهذا ما يعطيه الوعي المتميز والتنوع الهائل والذي يعتبر من أبسط أمثلته بصمات الأصابع والعينين.

تحوي كل من الروح والمادة مستوى فطريًا من العبقرية والذكاء من خلال انبعاثها من القدرة الإلهية الأصلية، وباتحادهما، يتكون العنصر الثالث وهو النفس كمستوى من الوعي والإدراك الحاصلين من التقاء هذين العنصرين؛ وتبعًا لدرجة اللقاء والاتحاد الحاصلين بينهما، تكون درجة الوعي أو ما يسمى Shen في الطب الصيني، فدرجة وعي خلية تختلف عن درجة وعي نبات أو حيوان أو إنسان، كما أنها تختلف من إنسان لآخر. إن هدف الحياة في النهاية هو زيادة درجة الوعي عن طريق زيادة تداخل المادة بالروح حتى لا يكون هناك في النهاية أي افتراق بين هذين القطبين، وبذلك يكون وعي وإدراك النفس متطابقًا مع الوعي الكلي الأصلي. إذا يمكننا القول إن مسيرة الإنسان تقتضي أن يصبح مدركًا أو واعيًا لنفسه، وبالأحرى، أن يعرف نفسه؛ وهذا طبعًا لا يحصل بين ليلة وضحاها، بل هو مسيرة تطورية يصبح فيها الإنسان قادرًا على رؤية نفسه مستقلاً عن جسده ومشاعره وأفكاره أو ما نسميه بشخصيته.

     

إن تواجد قطبين للوجود: الروح والمادة ومن ثم اتحادهما وتشكل الابن أو النفس هو أساس كل التظاهرات الحياتية. أن نختبر ونقبل القطبين الحياتيين يجلب لنا الوعي الكامن بعدم وجود افتراق وانفصال، لأنهما في النهاية ليسا بقوتين متعارضتين، بل هما قطبان لنفس المبدأ، مثل الطاقة الكهربائية أو المغناطيسية، فالتيار نفسه يمر بين القطبين. إنهما تظاهران للمبدأ الواحد نفسه وللطاقة الإلهية الخلاقة الكبرى. إن الخط الفاصل بينهما غير المستقيم يوضح أن المظهرين دائما الامتزاج. تقول الفلسفة الصينية إنه من المستحيل البقاء في مظهر واحد دون الآخر – قانون التوازن والاستواء - عندما يصل أحد المظهرين لحده الأقصى، يبدأ المظهر الآخر بالظهور لإعادة التوازن. كثيرًا ما تكون الأمراض محاولة لإعادة التوازن المطلوب؛ فالمرض ليس بعقاب أو علامة ضعف، بل مسرى طبيعي لإعادة التوازن.

يوصف الين إذًا على أنه بارد، هادئ، سلبي، معتم، متجاوب، متناقص ونحو الداخل، أما اليانغ فحارٌّ، متحرك، فعَّال، براق، محرِّض، متزايد ونحو الخارج. يجب ألا ننسى أن هذه الثنائية تعود للانقسام من جديد إلى ثنائية، أي جزء أكثر ذكورة وجزء أكثر أنثوية ويبقى التداخل والتحول بينهما دائمًا موجود، وهذا ما يعطي التنوع الهائل والرائع في الطبيعة، فجذر النبات هو أكثر أقسام النبات قساوة ودعامة وثباتًا فهو أكثرها ذكورة أو يانغ، لكن بالوقت نفسه، فهو معتم ونحو الداخل فهو ين. كلما ارتفعنا في الساق ثم الأغصان ثم التفرعات الأدق ثم الأوراق والأزهار والثمار وأخيرًا البذور، نكون بشكل نسبي نقترب أكثر من طبيعة الين المؤنثة ونبتعد عن طبيعة اليانغ المذكرة، لأن البذور تختزن كل العناصر الأساسية لإنشاء النبات من جديد، فهي تدخل في مرحلة كمون لتعطي بعدها نباتًا يفوقها بأضعاف من حيث الحجم، وعندها تدخل في مرحلة التوسع أو اليانغ، لكن بنفس الوقت، فالبذرة سهلة التدحرج والحركة والنمو نحو الخارج، فلها صفات اليانغ. كل شيء في الطبيعة يجمع بين اليانغ والين بنسب مختلفة. قطعة الطبشور مثلاً، عادة جافة وقاسية فهي يانغ، لكنها باردة فهي ين، لها سطح خارجي هو اليانغ وداخلي هو الين، تتناقص حجمًا مع الوقت والاستعمال فهي ين. الشمس أكبر وأكثر سخونة ونورًا من الأرض فهي يانغ بالنسبة للأرض والأرض ين بالنسبة للشمس، ولكن الأرض يانغ بالنسبة للقمر. عندما تنتهي التفاعلات الكيماوية للشمس، ستتحول إلى ين. عندما تسطع الشمس على جهة من الجبل، يكون يانغ بالنسبة للجانب الآخر، ولكن بعد الظهر، سيأتي نور الشمس على الجهة الأخرى وتصبح تلك هي اليانغ بعد أن كانت صباحًا هي الين. عندما يأتي الليل، يصبح كل الجبل معتمًا ومظلمًا وباردًا وهادئًا فيصبح ين بالنسبة للقمر الذي أصبح هاهنا يانغ ضمن ظلام الليل الذي أصبح ين.

العناصر والطبائع الخمسة أو الأربعة

كما أن الطبيعة الأساسية غير المنقسمة للتاو قد عبَّرت عن نفسها من خلال الين واليانغ، كذلك تتولد الطبائع الخمسة من المراحل المختلفة لنشوء الين واليانغ. يولِّد اليانغ في تصاعده طبيعة الريح أو الهواء وعنصر الخشب، وعند بلوغه الذروة يولِّد طبيعة النار وعنصر الحرارة. يكون الأول مرتبطًا بفصل الربيع والثاني بالصيف. عندما يصل اليانغ لذروته، يبدأ بالتحول إلى ين، فعند مرحلة الانقلاب هذه تتولد طبيعة الرطوبة وعنصر الأرض كما في نهاية الصيف. عند تصاعد الين، تتولد طبيعة الجفاف وعنصر المعدن وفصل الخريف، ثم يصل الين لذروته، فتتولد طبيعة البرودة وعنصر الماء وفصل الشتاء.

           

تتكرر هذه السلسلة من جديد في دوران مستمر يمكن تشبيهه بمراحل الحياة، فالطفولة مرحلة نمو مضطرد جسدي ونفسي سريع وفي كل الاتجاهات كما هي طبيعة الريح وكما ينمو النبات في فصل الربيع، وتكون فترة المراهقة قمة الاندفاع العاطفي كما هي طبيعة النار وفصل الصيف بكل تنوع نباتاته وألوانها الزاهية. تكون فترة النضوج مثل عنصر الأرض وطبيعة الرطوبة ونهاية الصيف فترة انتقال من نمو لتراجع ومن هيجان لهدوء ومن حرارة لبرودة، ثم تأتي مرحلة الكهولة مثل طبيعة الجفاف وفصل الخريف وعنصر المعدن روتينية محددة السير منتظمة، ومن ثم الشيخوخة ساكنة هادئة باردة مثل طبيعة البرودة وعنصر الماء وفصل الشتاء.

تدخل الأعضاء في حلقة داعمة Supporting cycle على شكل دارة متصلة، فالخشب يدعم النار والنار تدعم الأرض والأرض تدعم المعدن والمعدن يدعم الماء والماء يدعم الخشب، فتسمح هذه الحلقة لكل عنصر أن يتحول إلى العنصر التالي وبالتالي لا يفيض عنصر عن الحد المقبول أو ينقص عن الحد المتوازن، ولكي يتم التوازن بشكل أفضل أيضًا يوجد ما يسمى بالحلقة المحدِّدة Restraining Cycle، أي أن الخشب يحدِّد الأرض ويمنعها من تجاوز حدِّها والأرض تحدِّد الماء... الخ. ينشأ من هاتين الدارتين أو الحلقتين توازن مبدع، بحيث أن اختلال أي عنصر على شكل زيادة أو نقصان، سيؤدي إلى سلسلة من التفاعلات التي تؤدي في النهاية إلى إعادة التوازن.

هذا بالنسبة للفلسفة والطب الصينيين، أما في الشرق الأوسط واليونان ولاحقًا أوروبا فقد ركزوا على أربعة عناصر أساسية (وسنرى أنه لا يوجد اختلاف كبير في الفكرة، بل يختلف الوصف الخارجي واللفظ المستخدم فقط) هي الهواء والنار والماء والتراب. بالنسبة للصينيين استبدلوا كلمة تراب بالمعدن وهي عمليًا لها نفس الصفات الحركية والنفسية من تأسيس وصلابة وإعطاء تركيب وهيكل مادي للأشياء ومسؤولية وحسم وقرار، وهناك العنصر الخامس الأرض الذي أعطيت له بشكل منفصل صفات التوازن والانسجام والربط بين العناصر الأربعة، أما في الشرق الأوسط فأبقيت هذه الصفات أيضًا للتراب ولم توضع بشكل مستقل. في الهند أضيف عنصر خامس هو الفراغ الذي يتجاوز العناصر الأربعة لينطلق باتجاه الأثير والعوالم السماوية.

نظرة عامة للعناصر الأربعة: لقد اعتبرت المياه عنصرًا أساسيًا في خلق الكون في الكتب المقدسة وأظهر لها ارتباط وثيق مع روح الله التي كانت تعلوها، لماذا؟ لأن الماء تمثل المادة الكونية، الين التي تحتاج لليانغ، للنار الإلهية من أجل إعطائها صفات الحياة والوفرة والثمر وغيره... التراب والماء عناصر ين، ولكن الماء بحكم كونه أكثر استقبالاً ومرونة يعبر عن هذا الجانب الأنثوي من الطبيعة بشكل أكبر، كذلك الهواء والنار عناصر يانغ، لكن النار بارتفاعها العمودي والدفء والطاقة الكبيرة التي تحملها، تعبر عن الجانب الذكري من الطبيعة بشكل أكبر.

تعبر العناصر الأربعة عن حالة الأشياء أيضًا، فالمادة الصلبة هي الأرض والسائلة هي الماء والغازية الهواء والتفاعلات الكيماوية للتحول من حال إلى آخر هي نتيجة فعل النار. إن اشتعال الشمعة بحد ذاتها يعطي معنى العناصر الأربعة، فمادة الشمع نفسها تعبر عن الأرض، وهي لا تشتعل بدون هواء وأوكسجين، وهذا عنصر الهواء، وعندما تشتعل تعطي عنصر النار، وشيئًا فشيئًا ينصهر الشمع ويشكل بحيرة صغيرة حول الشمعة، وهذا هو عنصر الماء.

لقد بدأت الحياة على الأرض من خلال فعل النار بالماء، فالحرارة والطاقة التي أعطتها الشمس للمحيطات سمحت بظهور أول الكائنات الحية، وإن فعالية النار والماء يرمز لها من خلال التصالب، فالخط الأفقي يمثل المفهوم الأنثوي أو الماء، الذي يتمدد دائمًا أفقيًا ويبحث عن الشقوق في الأرض ليدخل ضمنها ويختفي، والخط العمودي للتصالب يمثل المفهوم الذكري، النار والتي لها الدافع للتمركز والصعود للأعلى ولكن هل ينتهي الموضوع هاهنا؟ كما رأينا أن في ذروة الين يبدأ اليانغ، وفي ذروة اليانغ يبدأ الين، كذلك ألا نرى أشياء مشتركة بين الماء والنار، ألا يشبه شلال الماء المندفع من الجبال حركة النار بشكل عكسي؟ ألا تشبه حركة النار حركة شلال متجه للنبع؟

في الحقيقة النار والماء ليسا بالأعداء، بل يوجد محبة شديدة بينهما كالمحبة الكائنة بين اليانغ والين أو بين قطبي المغناطيس، بشرط أن تبقى بعض المسافة بينهما، ويحافظ على هذه المسافة كل من الهواء والأرض أو التراب، ولذلك ظهرت أهمية وجود عنصرين آخرين هما الهواء الذي يعتبر ذكري أو يانغ ولكن أقل ذكورة ويانغية من النار، والتراب الذي يعتبر أقل أنوثة وينية من الماء، فهما يعطيا تدرجات انسيابية بين القطبين الحادين للنار والماء، مثل التدرجات الانسيابية في ألوان الطيف بين الأحمر الصارخ اليانغي والأزرق الهادئ اليني، أو بين صوت الباص اليانغي والسوبرانو اليني. يوجد صداقة بين النار والماء، فالنار تعطي للماء عن بعد قوة البخار، والماء يساعد باشتعال النار إذا كان قليلاً.

- النار:

تعبر النار عن واحد من أهم أسرار الطبيعة وهو الاحتراق والتحول، لأن الكون ما كان ليكون بدون عملية احتراق المادة وتحولها إلى طاقة، ونفس الشيء ينطبق على جسد الإنسان وعقله وتنفسه وإحساسه وتفكيره، فكلها لا يمكن أن تحدث دون تواجد عملية احتراق وتحول.

لننظر إلى الخشب الميت الأسود المحطم وكيف يتحول بالنار إلى واحدة من أجمل تظاهرات الطبيعة من خلال النور والحرارة والطاقة، وهذا ينطبق رمزيًا على ما في داخلنا من أهواء أنانية كالغيرة والغضب والعنف والاحتقار واللامبالاة أو بالعكس الإحساس المفرط والمبالغ به. ما علينا سوى إحراق هذه الأهواء وتحويلها من خلال ما يسمى بالمحبة والتضحية والحكمة. إن تقدير قدماء الفرس والهند وغيرهم للنار ما هي إلا رمز لهذه القوة التحويلية. إن انتشار استعمال البخور في معظم الحضارات ما هي إلا تعبير عن هذه الطاقة التحويلية، بالإضافة طبعًا إلى التأثير الشمي العاطفي للروائح المختلفة (وكلنا يعلم مدى قرب المناطق الدماغية المسؤولة عن الشم من المناطق المذكورة عن الانفعالات والمشاعر والمناطق المسؤولة عن الذاكرة). لقد استعمل الهنود والصينيون والمدارس الصوفية المختلفة رمز النار الداخلية وطاقة الكونداليني للتعبير عن التحول الروحي الذي يحصل عند ممارسة هذه الطقوس المختلفة. حتى النار، بحد ذاتها، تمثل لنا صورة رائعة عن الحياة، فما يرتفع للأعلى يشع، وما يبقى بالأسفل يركد، وما بينهما ينطفئ.

الرجل مثل قطعة الحديد التي يتم تحولها فقط بفضل النار. نفس الشيء ينطبق على النار السماوية والتي هي المحبة الإلهية يمكن أن تضعه في تلك الحالة الروحية الجديدة، يخلع فيها شكله ونفسه القديمة المضطربة التائهة ليضع حلة جديدة مشعة براقة، وهذا ما عبرت عنه كل الحضارات القديمة التي تحدثت عن النار الحقيقية داخل النفس والروح، وهذا هو الأساس لعلم الخيمياء الذي كان معروفًا لدى الإغريق والعرب والفراعنة والهنود ومعظم الحضارات الأخرى. هذا التحول لا يحصل طبعًا بدون عقبات ومصاعب، وفي الحقيقة فهذه العقبات والآلام التي يمر بها هي التي ستقوي إيماننا وتعطينا تلك الحالة الجديدة وتسمح لهذا التحول بأن يكون له معنى.

لننظر إلى لهب صغير، فنجد أنه بنفخة هواء صغيرة بسيطة يمكننا إطفاؤه، ولكن أليس الهواء نفسه هو الذي يؤدي لانتشار الحرائق واللهب وإشعالها أكثر. يعبر اللهب عن الروح، وإذا لم نغذه بالأوكسجين الكافي يخمد أمام أصغر عقبة تقف في طريقه. وماذا يغذي الروح؟ الصلاة، التأمل، البهجة، العطاء، الإحسان والمحبة طبعًا... لماذا؟ لأن كل هذه الوسائل تسمح للروح بالانتشار، التوسع. وماذا يطفئها؟ الأنانية، التكبر، التقوقع على الذات، البخل، الكره والحقد... لماذا؟ لأنها تجعل الروح تنكمش على نفسها.

سيأتي وقت تنطفئ شمعة كل إنسان منا وهذا حتمي طبعًا، ولكن أليس استمرار شعلتنا هو بإعطاء ما تعلمناه وما كسبناه للآخرين، وعندها ستمتد شعلتنا من خلال الآخرين، وسيضيف عليها الآخرون من ذاتهم ومن روحهم، وبذلك تكبر وتنتشر هذه الشمعة.

تعبِّر النار عن الحدود الفاصلة بين المستوى الفيزيائي والمستوى الأثيري، ولذلك اعتبرت النار عبر التاريخ العنصر القوى للتخاطب مع المستوى الروحي.

تميزت كل مرحلة كبيرة من عمر الأرض بتغلب عنصر معين من العناصر الأربعة. تمر الأرض حاليًا بتغلب عنصر النار، لذلك كان من الهام جدًا معرفة كيفية التعامل مع رمز النار ومع الشمس ومع الشمعة، وأن ننظر لها ببعض الاحترام، وهي بدورها تعيد لنا هذا الاحترام بأن نتصل بكل ما هو في الطبيعة والكون. نستطيع أيضًا الشعور بالحماية لأن النار عنصر حماية قبل أن يكون تهديدًا.

عندما نشعل النار، نمسك بالمقدح ونشعل ورقة لتشعل بدورها الأغصان الصغيرة ومن ثم الجذوع الكبيرة، وهذا تمامًا ما يحصل في الجسم، فالمقدح يعبر عن الجسم السببي Causal Body أو الروح التي تشعل الورقة أو المستوى العقلي، لتشعل الأغصان الصغيرة أو المستوى العاطفي لتشعل الجذوع الكبيرة أو الجسم الفيزيائي، فكل شيء يبدأ بالروح ومن ثم العقل ومن ثم العاطفة ومن ثم الجسم، ولا يتحقق أي شيء على المستوى المادي ما لم يكن موجودًا على المستوى الروحي والعقلي والعاطفي. لا بد من وجود الوحي أولاً، ثم الإرادة ثم الدافع النفسي ليتحقق الشيء. عند القيام بأي مشروع، لا بد من وجود الوحي أو الومضة الفكرية ثم الإرادة ثم الاندفاع النفسي والعاطفي ليتبلور هذا المشروع.

من المهم جدًا عند كل إنسان إشعال تلك النار الداخلية فيه، ويوجد في كل إنسان نواة أو أتون جاهزة مع كل التفاعلات الكيماوية الضرورية لإشعال تلك النار، ومن أهم الطرق المساعدة الصلاة والتأمل وتمارين التنفس والمحبة.

يمكن القول بوجود نوعين من النار: النار العاطفية الناجمة عن الرغبات الدنيا، والتي تستهلك الإنسان من خلال آلام ومعاناة كبيرة من خلال مشاعره الأنانية الضيقة والجنسية والقصيرة الأمد، والنار الروحية التي تحرر الإنسان من نواقصه وضعفه، وتظهر للوجود كل ما هو نقي ونبيل فيه، وتحرق فقط النواقص فيه.

من أجل إظهار هذه النار الروحية، لا بد من تهيئة النفس لتقبل تلك الطاقة الهائلة، وإلا أحرقتها. يتم التحضير والتقبل من خلال نقاء النفس والمحبة والطيبة والعدالة والحكمة.

عندما نحرق جذع شجرة أو أغصان شجرة، يبقى الرماد، وإذا نظرنا إلى حجم الرماد، سنجده أقل بكثير وكثير من حجم الشجر الذي احترق... لماذا؟ لأن كمية التراب أو الأرض في الشجرة هي الأقل، بينما الماء أكثر بكثير والهواء أكثر بكثير، وأشعة الشمس أو النار أكثر بكثير؛ فالضوء وأشعة الشمس لا بد لهما من مادة لامتصاصها، ولكن في النهاية الجسم المادي أصغر وأقل من الجسم الطاقي أو غير المادي.

عندما تقوم بعض الحضارات بإحراق الإنسان بعد وفاته، ألا يحدث نفس الشيء؟ ألا يكون الرماد كمية قليلة بالمقارنة مع كامل الجسم؟ ألا يكون الرماد كمية أقل من الماء والذي بدوره أقل من الهواء وأقل من الطاقة الموجودة. نحن كائنات من تراب وماء (أو ين)، ولكن أيضًا من هواء ونور (أو نار) (أو يانغ). إن النار هي التي تحرر من كل ما هو مادي، ومن كل قوقعاتنا وأغلفتنا. إن الطاقة المتحررة المكبوتة ضمننا تتحرر وتنطلق إلى العوالم السماوية. تفتح النار مسامات الشجرة لتنطلق تلك الطاقة، وهذا صحيح أيضًا بالنسبة لنا. إن صوت الفرقعات الحاصل هو أصوات أغاني النصر للروح المتحررة. تصبح الشجرة نارًا لأن النار تلتهمها.

- الماء:

الماء هو السائل الحيوي للأرض، والأنهار هي الشرايين والأوردة، والبحيرات هي الضفائر العصبية. الماء كالدم يعطي الحياة لكل الأشياء، للنباتات والحيوان والإنسان وحتى للحجارة والبلورات التي تحتاج للماء لتتشكل. الحجارة الكريمة لا تتكون إلا بفضل جزيئات الماء. من الضروري جدًا أن نعطي للماء قيمته الحقيقية ودوره الفعَّال في حياتنا الروحية والعاطفية والعقلية.

كيف لا نشعر بالفرح أمام تلك المادة التي لا لون لها ولا طعم واضح لها، وهي تعبر عن المبدأ الأنثوي الكوني، وأول شيء علينا فعله هو التعامل مع الماء باحترام وتقدير لما يعطيه لنا، ولا ننسى المسير الطويل الذي مرت به قطرة الماء من المياه الجوفية والنبع للنهر حتى وصلت عندنا. لنشرب الماء ونحن نقدر طعمه ولمسه، لنستحم ونحن نشعر بعذوبة الماء وملمسه الرائع ونشكره، فهو يحمل كل طاقات الكون الذي مر به حتى وصل عندنا، فالماء هو أم الحياة والنار والدها. إن رمزية تحويل الماء إلى خمر من قبل السيد المسيح تعني التحويل إلى دم، إلى حياة.

هل فكرنا مرةً لماذا نشأت الحضارات بأكملها على الأنهار والبحيرات والبحار؟ هل يا ترى تذكر أجدادنا أن جذورهم والحياة الأولى نشأت في الماء؟ وطبعًا أدركوا أهمية الماء للحياة اليومية.

هل فكرنا يا ترى لماذا نغسل أقدامنا في عملية الوضوء قبل الصلاة، ولماذا غسل السيد المسيح أقدام تلاميذه، ولماذا يغسل الهندوس أقدامهم وأجسامهم في نهر الغانج. ليس المهم أن نغسل أقدامنا فقط، بل أن نعرف كيف نغسلها، ففي الأقدام مسارات عصبية مرتبطة بكل الجسم، فمن خلال نهايتنا العلوية في الرأس نرتبط بالسماء ومن خلال أقدامنا نرتبط بالأرض.

يجب أن نغسل أقدامنا بكل محبة، فأقدامنا هي التي احتملتنا طوال تلك السنين، وبإعطائها جزءًا من محبتنا وتدليك النقاط المختلفة فيها نساعد كل أعضائنا.

إن الماء الذي نشربه ونلمسه ما هو إلا التعبير المادي عن السائل الكوني الذي يملأ الفضاء، ونحن من خلال غسلنا وشربنا للماء، نلمس عنصرًا روحيًا من الطبيعة. إن الماء المادي يحتوي على كل عناصر الماء الروحي. علينا فقط أن نتعلم كيف نستقبل تلك الطاقات.

ماذا تعلمنا الكتب السماوية عن الجنة؟ ألا تذكر الأنهار والينابيع والماء والعسل؟ ألا يعطينا هذا فكرة كيف أن الأرض وما عليها ما هي إلا تعبير عن العوالم الأخرى.

كلنا يعرف تمامًا دورة الماء التي تبدأ نقية وبلورية على مستوى الجبال ومن ينابيعها، ثم تدخل فيها الشوائب تدريجيًا وتتراكم الأوساخ رويدًا رويدًا سواء من الطبيعة، والأكثر من الإنسان نفسه الذي يعتبر أكبر مسيء للطبيعة. تصل المياه وسخة إلى البحر، ولكن من خلال أشعة الشمس الدافئة، تتحول إلى بخار وتصعد من جديد للسماء، ومن ثم تهبط مجددًا من خلال الأمطار والثلوج لتصنع نبعًا أو ساقية أو نهرًا، وتستمر الحلقة، وبعكس النار تمامًا والتي من خلال تمثيلها للروح ليست مضطرة لمثل هذه التحولات، لأنها نقية من الأصل.

رحلة الماء رمزية جدًا وتشبه رحلة الإنسان بين السماء والأرض، رحلة روحه من الولادة حتى الممات، رحلة كل صفة من صفاتنا الإنسانية النفسية والجسدية، حتى في المعرفة علينا التصاعد من أجل معرفة أفضل وعلينا التنازل من أجل مساعدة الآخرين، وإلا فما هي فائدة المعرفة؟ وإن الابتعاد عن الناس والتكبر عليهم أو الخوف من التعامل بطريقتهم من أجل عدم التلوث والاتساخ حجة سخيفة، وإنه من الأفضل الاقتراب من الناس ومساعدتهم قدر الإمكان حتى إن كنا سنخطئ ونتسخ، فهذا الاتساخ والتلوث له دروسه وفوائده أكثر بكثير من العزلة، فلنتعلم كيف نتصاعد ونهبط، كيف نستقبل ونعطي.

يتواجد الماء في كل العناصر ذات الصفات الامتصاصية والمرنة، فهو ليس له شكل يحتويه. لا لون له، ولكن يصبح بسهولة أحمر، أخضر أو أصفر حسب ما يمتص من أشياء أثناء عبوره بها. الماء يمتص كل شيء، السيء والجيد. الأرض طبعًا لها صفات الامتصاص ولكن ليس لها صفات المرونة والعبور كالماء. في المقابل، الهواء شديد المرونة لدرجة لا يحتفظ طويلاً بما يمتصه، وهو يتجدد أكثر من الماء.

ومن هنا فإن للماء دور امتصاص شديد، فهو يمتص العناصر الجيدة والعناصر السيئة، الطاقات الجيدة والطاقات السيئة بسهولة بالغة. كما أن علينا معرفة مصدر الماء وصلاحيته للشرب، علينا أيضًا مراقبة أفكارنا ومشاعرنا ونحن نشرب الماء؛ فشرب الماء بأفكار ومشاعر جيدة، يغذينا بطاقات إيجابية وصحة، أما شرب الماء بأفكار مؤذية، يسبب لنا المرض. لقد أثبت هذا الأمر العالم الياباني Masaru Emoto من خلال دراسته للبلورات المتكونة من ماء تعرض لظروف مختلفة وأفكار جيدة وسلبية وصلوات مختلفة... الخ.

يحمل الماء قلقنا وأحزاننا، كما يحمل صفات النبات الطبي الذي نشربه، لذلك فنحن نشرب البابونج واليانسون والنعنع... الخ. إن للاستحمام دورًا كبيرًا أيضًا، فالاستحمام مع فكرة أننا نغسل كل أحزاننا وأتراحنا وقلقنا، يساعدنا، أما في حالة كنا مرحين وفرحين جدًا، فالأفضل أن نؤجل الاستحمام حتى لا تزول هذه المشاعر بسرعة.

من إحدى التجارب المعروفة أن نضع ماء نقيًا في كأس ونغسل أيدينا جيدًا، ونضع إصبعًا أو إصبعين بالماء ونحن نركز على صفة حميدة نريد اقتناءها، وهذا ما يسمى مغنطة الماء Water magnetization. لما كان الماء يحوي صفات الامتصاص والتحاور، فهو يحوي من خلال أنهاره وبحيراته ومحيطاته تاريخ الإنسانية البائس بأكمله. إذا أخذنا قطرة ماء وحاولنا الإصغاء لها، ستخبرنا عن الأرض والبحر والسماء والإنسان بأكمله.

قيل في الكتب المقدسة إن الله سبحانه وتعالى فصل المياه العليا عن المياه الدنيا. لقد احتوت المياه العليا تلك على أرشيفات الكون، هذه المكتبة الكونية التي تسمى أحيانًا Akasha Chronica. ليس للماء وحده تلك القدرات الشافية، بل كل عنصر من عناصر الطبيعة الأربعة له قدرات مماثلة أو مكملة؛ فلطالما استخدمت القبائل القديمة النار، وبالذات النار الصاعدة من الأشجار المحترقة كوسيلة للشفاء. عندما نجلس حول نار صادرة من أشجار محترقة ونشعر بأهمية تلك الأشجار وفائدتها وماذا فعلت للإنسانية، والصحة التي تعطيها، سنجد أن تلك النار ستشفينا من أمور متعددة. علينا ألا ننسى أن الشجرة بحد ذاتها هي مزيج من العناصر الأربعة.

للكون شوق دائم للتعبير عن نفسه، وهذا يظهر من خلال أي شيء: عيني الطاووس بين جناحيه الرائعين، انعكاس الأجرام السماوية على الماء الراكدة، الشوق الإنساني الدائم للنظر في غياهب الكون وغباره الذي ينتمي إليه، والماء طبعًا لا يخرج عن القاعدة؛ فالماء يريد دائمًا التعبير عن نفسه ويشعر بأقل الاهتزازات، ويتأثر ويتفاعل مع إيقاعات الكون والسماوات تمامًا كأوتار الآلة الموسيقية من خلال تفاعله مع المد والجزر، وهو يصل الأرض الصلبة تحته بالسماء الرقيقة فوقه، وهو يرتفع وينخفض باستمرار من خلال التبخر والتكثف.

لنتأمل حركة الماء فمن خلال تياراته تتكون الحياة، وهناك نباتات وحيوانات تعتمد بأكملها على حركة الماء مثل قنديل البحر والطحالب والأشنيات. يعتمد عمل العين بحد ذاته على وجود حاجزين جوفيين مائيين، وخلال تكون العين يسيل الماء بين الجوفين، ثم يتكون حاجز بلوري حساس لحركة تلك الماء.

- التراب أو الأرض:

عنصر التراب هو العنصر الهيكلي التركيبي الأساسي، والذي بفضل الماء والهواء ومن ثم النار يتحول إلى الحياة العضوية. التراب عنصر ين كما ذكرت، ولكن أقل ينية من الماء. الأرض أو التراب هو العنصر الذي يسمح للماء بالالتقاء مع الهواء والنار. الأرض هي الأم، هي التي تعطف علينا، هي التي تعطينا جسدها لنمشي عليه، لنستلقي عليه، هي التي تعطينا ما نأكل وما نلبس وما نسكن تحته، وبالمقابل كيف نرد لها جميلها؟ بالإهمال والحروب ورمي النفايات العضوية وغير العضوية والكيماوية والبيولوجية والذرية، وحرق الغابات وتلويث المياه، والهجوم على البترول والغاز الذي يسيل فيها كسيلان الدم في أجسادنا. للأسف، فإن كانت الإنسانية تسيء للعناصر الأربعة، فهي تسيء للأرض أضعاف ما تسيء لغيرها. كيف يمكن لإنسان أن يدعي محبة والدته، وهو لا يحب الأرض.

أهمية المرتفعات والجبال: تشبه الجبال المستقبلات الضخمة التي يتم عن طريقها تخاطب السماء مع الأرض، لذلك يكون للماء النازل من الجبل أهمية خاصة، فهو مليء بتفاعلات جوية من خلال بخار الماء والغازات الأخرى، لذلك نجد أن معظم الحكماء والأنبياء قد اختاروا الجبال من أجل صلواتهم وتأملاتهم.

كان من المهم دائمًا أن يقوم تلاميذ معظم الحكماء بالصعود للجبال من أجل التخاطب مع السماء جسديًا وروحيًا وداخليًا. إن كل الوديان والقمم والشلالات والبحيرات والثلوج لها دلالاتها على الحياة الروحية، ومن يتأمل داخليًا يعرف تمامًا شعور التصاعد مثل قمم الجبال، ويعتقد أن للجبال ملائكتها الخاصة وعوالمها الخاصة والتي تحتوي على الكثير من النور؛ ومن أجل الدخول إلى تلك العوالم، لا بد من الصعود إلى تلك المرتفعات والمستويات، والأهم من ذلك، لا بد من دخول تلك العوالم بقلب مفتوح وروح نيرة.

تمثل المرتفعات الأجسام العقلية الأعلى للبلدان التي تتواجد فيها، فالجبل الأبيض Le Mont Blanc هو الجسم العقلي الأعلى لفرنسا وإيطاليا وسويسرا، كما أن أفرست هي الجسم العقلي الأعلى للتيبيت ونيبال والهند، كما أن قمم Moussala هي لبلدان البلقان، وسلسلة لبنان الغربية والشرقية لسوريا ولبنان، وجبال الروكي والسموكي لأميركا وكليمنجارو لتنزانيا ودول إفريقيا. يعرف التلميذ المجتهد تمامًا أنه بصعوده للجبال، يقترب من نفسه وروحه أكثر، وقد عرفت الأديان كلها هذا الشيء. كلنا نعرف الشعور الذي نحصل عليه ونحن نتنفس بعمق في الجبال، والغبطة الروحية التي نشعر بها عندئذ. لذلك، كان من المهم جدًا أن نتأمل بالجبال ونفكر بها ونحن ننام. من هنا يأتي غنى الماء؛ فالجبال العالية تحتوي على الطاقات السماوية، وهي تعطيها للماء المنحدر من الجبال.

- الهواء:

من أجل فهم النار، لا بد من فهم الهواء أيضًا؛ فللهواء تأثير تنظيمي للنار، فهو قد يساعد على انتشارها وإشعالها، أو إخمادها كما نفعل بالنفخ في الشمعة. إذا كانت النار تعبر عن المحبة، فالهواء يعبر عن الحكمة، فلكي يكون الحب مفيدًا وغير انفعالي أو مخرِّب، لا بد له من الحكمة التي تحدد كمية الحب وتوازنه. بدون الحكمة، يصبح الحب مشوشًا مضطربًا، وإن الأشخاص الانفعاليين يتعرضون دائمًا للهياج والفوضى، وبالمقابل فإن إخماد النار تمامًا يصيبنا بالبرودة والتجمد ولا يعود هناك بريق في حياتنا. لذلك كان من الضروري جدًا إحداث توازن بين العقل والقلب، بين الحكمة والحب، بين الهواء والنار.

نظرة جديدة إلى العناصر الأربعة

العناصر الأربعة المعروفة ليست إلا التظاهرات الخارجية للعناصر الحقيقية أو المبادئ الأساسية التي تفرعت من الوحدة. لعنصر الماء الصفات المغناطيسية، فهو يغذي ويدعم الوجود، أما عنصر النار فله الصفات الكهربائية الخلاقة وهو يغير الوجود من شكل إلى آخر، أما الهواء فهو عنصر فصل وهو الذي يسمح أصلاً بتواجد النار والماء معًا، أما عنصر الأرض أو التراب فيسمح لتواجد النار والماء والهواء بنسب معينة تسمح لتكوين الأشياء والطبائع المختلفة.

لنفهم العناصر الأربعة في الطبيعة. الشجرة مثلاً تمتص الماء والمعادن من الأرض من أجل النمو أي عنصر الماء والأرض، وتتنفس الهواء من أوراقها وتمتص أشعة الشمس أو عنصر النار. عندما نحرق شجرة يعود إصدار هذه العناصر، فالماء يتبخر، والضوء الممتص سوف يعطي النار المنبثقة، والهواء المتنفس والأوكسجين سوف يساعد عملية الاحتراق، والمواد المغذية الممتصة سوف تعود لرماد، مصدر جديد للمعادن ولأنماط جديدة للحياة. يحوي الإنسان هذه العناصر الأربعة في داخله، ولكنه يحويها بنسب تتفاوت قليلاً بين إنسان وآخر على المستوى الجسدي، أما على المستوى النفسي والروحي فالعناصر الأربعة الحقيقية أو طلائعها تتفاوت بنسب أكبر، ويجب أن يكون هناك توازن معين بينها حسب نسبة معينة في كل إنسان، وإن اختلال هذه النسبة والتوازن، يعرضه للأمراض المختلفة.

طبقًا لتغلب عنصر معين (أو خلط معين من الأخلاط الأربعة حسب الطب الإغريقي والعربي)، يمكن لهذا الإنسان أن يكون صفراويًا (كوليريًا) أو دمويًا، أو سوداويًا (مالنخوليًا) أو بلغميًا. تظهر أهمية هذه الأخلاط والطبائع جدًا من الناحية الاجتماعية، لأنها تجعلنا ننظر إلى المادة من زوايا مختلفة واضعين كل الاحتمالات من أجل كمال أكبر. في الحقيقة فإن الطبائع الاثني عشر للإنسان من خلال الأبراج الاثني عشر ما هي إلا تفاعل هذه الأنماط الأربعة بدرجات مختلفة، أو أن كل عنصر من العناصر الأربعة بمرحلة صعود، قمة وهبوط، وهذا ما يعطي 3 أبراج مائية و3 نارية و3 ترابية و3 هوائية. إن تفاعل النمطين الأساسيين للماء والنار نجدهما من خلال علاقة الرجل بالمرأة. العنصر بحد ذاته حيادي وليس إيجابيًا أو سلبيًا، وإنما الإنسان هو الذي يجعله كذلك بتصرفاته ومعتقداته وأعماله.

عنصر النار: صفراوي، كوليري

الصفات الإيجابية: القوة، الحماس، التعاطف، الشجاعة، الإرادة وأخذ القرار، قوة الخلق، التحدي.

الصفات السلبية: الميل للحروب والصراع، النزق، الميل للتحطيم، عدم الاعتدال، الميل للتطرف، الغيرة، الشر، الانتقام، العنف، الكره، الغضب.

عنصر الهواء: دموي

الصفات الإيجابية: اليقظة، التحرر وعدم القيود، دفء القلب، الثقة بالآخرين، الوضوح، الخفة، الاستقلال، التفاؤل، الاجتهاد، الدقة، الفرح، الابتسام.

الصفات السلبية: قلة الصبر، عدم الصدق، الثرثرة، الاحتيال، انتقاد الآخرين Backbiting، عدم الثبات، النزق، التبذير.

عنصر الماء: بلغمي

الصفات الإيجابية: التفهم، المرونة والليونة، الاعتدال، الثقة، الإخلاص، الرحمة، التسامح، التواضع، التعاطف، الحماس، الطبيعة التأملية الداخلية.

الصفات السلبية: عدم الاهتمام والاكتراث، الكسل، الخمول، الصلابة، فقدان الاهتمام، عدم الاستقرار، الكآبة.

عنصر الأرض: مالنخولي

الصفات الإيجابية: الثبات، الوعي، ، الاستمرار، الدقة، الحذر، المسؤولية، الانتباه، ثبات الرأي، مصدر ثقة، الصحو، الطموح، الاحترام.

الصفات السلبية: الشعور الخانق/السطحية، الكسل، عدم الاكتراث، عدم الوعي، الخجل، عدم الانتظام، الاحتقار، ثقل الظل.

إن تأملنا بشكل أكبر أقوال الأقدمين والحضارات القديمة، وما عبر عنه لاحقًا بشكل علمي كل من Gurudjieff وKarl Jung بمبدأ الأنماط البدئية أو الـ Archetypes بمعنى أن كل شيء نراه ونسمعه ونلمسه في الدنيا هو صورة عن مبدأ أعلى موجود في العوالم العليا، لوجدنا أن مبدأ اليانغ أو الذكورة موجود في كل ما هو ذكري، مندفع، قوي، اتجاهه للخارج، صلب، قاس، حار، نهاري، ومبدأ الين الأنثوي يتظاهر بكل ما هو أنثوي، هادئ، لطيف، اتجاهه للداخل، ليلي، بارد... الخ.

لنسمع صوت الطبيعة وما حولنا من حجارة ونباتات وأشجار وحيوانات وأصوات العناصر الأربعة من خلال الحجارة، الرمال، المطر، الثلج، الهواء، الشمس، النجوم؛ فهناك الكثير مما يجب ملاحظته وفهمه. يكفي النظر إلى الغيوم ورؤية أشكالها وألوانها لنرى عالمًا كاملاً من الفرسان والأفراس والمعارك والأعياد والاحتفالات... إلخ.

لماذا نشعر بالضياع وعدم التوازن والاكتئاب والغضب... إلخ؟ لأننا جعلنا من أفكارنا وأحاسيسنا تجمعات وكتل تحولت إلى أورام على المستوى النفسي، وعندها علينا القيام بالشيء نفسه عكسيًا وهو صهر هذه الأورام من خلال نار الروح، وخلق مظاهر تعبير أكثر نقاء وشفافية وتوازنًا. لنبدأ بالتركيز على الشمس وعلى النور والدفء الذي يملأ الكون. لنحاول فهم طبيعتها لتساعدنا في فهم طبيعتنا. كل ما هو موجود بالكون موجود فينا.

*** *** ***

المراجع

- Between Heaven and Earth: Harriett Beinfield & Efrem Korngold

- Harnessing the Power of the Universe: Daniel Reid.

- The complete Book of Chinese Health and Healing: Daniel Reid.

- Les Revelations du feu et de l’eau: Omraam Aivanhov.

Tuesday, September 3, 2019

من انت

من أنت؟؟ أين أنت؟؟!
أكبر جحيم نعيشه على الأرض .. هو جحيم الانفصال .. هو مجرد وهم أننا ذلك الكيان الصغير الحبيس داخل هذا الجسد الصغير مهما كبر أو حتى وهم أننا ذات الجسد وحسب ..
لكن السر والمفتاح ظل مثل الكنز المكتوم لا يعرفه إلا القلة
أنت كينونة متعددة الأبعاد
أي أنك متواجد في جميع الأبعاد (السموات) في آن معاً
وجزء فقط منك قد تجسد هنا (في البعد الثالث)
ظنك وهماً بأنك هذا الجزء وفقط .. يجعلك تشعر بالضألة والصغر .. وأنت قد اعتدت على الاتساع والمساحة ووووو في كينونتك الكلية
والاستنارة هي العمل على ربط وعيك مع وعي أجسادك العلوية
والتواصل معها أو عبرها
أي أنك تعيش عدة حيوات في الآن نفسه في العديد من الأبعاد وكل ما هو موجود في هذا الجسد هو مجرد جزء صغير من كينونتك
تأمل هذه الفكرة الدقيقة بعمق .. وكثرة .. لأنها ستحررك وتعطيك المفتاح والحلول لكثير من معضلاتك أو مآسيك
أما العروج فهو مجرد نقل مركز الوعي للعمل من أبعاد أعلى
مثل أن ينتقل مركز وعيك لجسدك في البعد الخامس أو السابع أو أو ويكون مركز إدارة حياتك في البعد الثالث هنا ..
وهذا ما وصفه الشعراء والمتصوفون بالنشوة والسكر والتحليق في السماء

Monday, September 2, 2019

قول الشيطان

قال الشيطان للكاهن:
اخلع عنك ثيابك الحريرية جع كما يجوع البائسون
استلق على الأرض الباردة القذرة مثلهم ثم حينها
حدثهم عن الج⇋⇝
https://www.youtube.com/channel/UCTRV9KVgMHNCB-ZjXonLueQ?view_as=subscriber

Sunday, September 1, 2019

إننا نصبح فى افضل حالتنا عندما ننهمك بالكامل فى فعل ما نستمتع به
اثناء رحلتنا باتجاه الهدف الذى نريد تحقيقه لأنفسنا وهذا يمنح لحياتنا معنى
ويجعلنا نستمتع بها ويجعل كل شيء آخر فى الحياة أمرا فى غاية الروعة والقيمة

Saturday, August 31, 2019

سر الحياه

عندما تخرجون من الدورة المدعوّة حياة إلى الدورة المدعوّة موتاً حاملين معكم عطشاً إلى الأرض لمّا يرتوِ وجوعاً لمّا يشبع، حينئذٍ تعود الأرض فتجذبكم إلى صدرها من جديد. وهكذا تعود الأرض ترضعكم، والزمان يفطمكم حياة تلو حياة وموتاً بعد موت إلى أن تفطموا أنفسكم الفطام الأخير بملء إرادتكم ومن تلقاء نفوسكم

دلاله وسر الارقام المتكرره في الحلم

الآن ما يقوله الأشخاص الموجودون في طائرات أخرى ذات أبعاد أخرى هو أحد أكثر الأشياء المرغوبة من قبل البشر ، لذلك بحثنا دائمًا عن طرق للتواصل مع هذه الكيانات. تستخدم الملائكة والكائنات الخفيفة طرقًا مختلفة للتواصل معنا من خلال الأحلام والمشهيات والعلامات في عالمنا ، ولكن واحدة من أكثر الطرق شيوعًا التي يرسلون بواسطتنا المعلومات هي التسلسلات العددية التي يمكننا ملاحظتها في حياتنا اليومية أو في أحلامنا وأننا نترك في بعض الأحيان ، وبالتالي فقدان الفرصة للاتصال بهذه العوالم. دعونا نرى ما هي هذه التسلسلات من الأرقام المتكررة وماذا تعني حتى تكون مستعدًا عندما تظهر في حياتك.

 الأرقام المتكررة ، الملائكة وساعات الساعة

 تحاول الملائكة أن يكونوا على اتصال دائم معنا من خلال الأرقام ، وذلك لأن الرياضيات هي لغة الأكوان والأبعاد ، وسوف نعلمك كيفية قيامهم بهذه الاتصالات وما يحاولون إخبارنا به. يجب أن تفهم أننا لسنا وحدنا في هذا العالم ، فهم يرشدوننا من خلال الأبعاد الأخرى والمعلومات التي يكشفونها يمكن أن تكون مفيدة للغاية طوال حياتنا.

 في معظم الأحيان لا ننتبه إلى التفاصيل أو ندع الحلم يمضي كتجربة بسيطة أكثر بعد النوم المريح ، ولكن الحقيقة هي أن الملائكة والكائنات الخفيفة تبذل قصارى جهدها لجذب انتباهنا وعادة ما نخلط بين هذه الإشارات مع الصدف. شكل آخر من أشكال الاتصالات التي تستخدمها الملائكة هو ساعات الساعة ، حيث يمكننا رؤية متواليات رقمية يمكن أن تكون بمثابة إشارة لتحديد المسار الذي يجب اتباعه في حياتنا.

 بعد ذلك سوف نقوم بتحليل بعض التسلسلات العددية الأكثر شيوعًا التي يمكن تقديمها في حياتك من خلال الأحلام وتوقيت ساعات الساعة في كل منها وفقًا للرسالة التي تريد الملائكة إرسالها إليك ، إذا كانت رسائلك تحتوي على اثنين أو أكثر أرقام مختلطة هذه التحليلات وفقا لتسلسل الأرقام للحصول على نتيجة أكثر دقة.

 11 11 معنى 111 و 1111 في الأعداد

 إذا كنت تحلم بالرقم 11 مكررًا في عدة تتابعات ، فيجب أن تكون مهتمًا بأفكارك ، ويجب ألا تكون لديك أفكار سلبية ، ويجب أن تضع في اعتبارك ما تريد وتحفظه من الأشياء التي كنت في عداد المفقودين. هذا التسلسل هو رسالة واضحة للغاية تفيد بوجود عدد كبير من الفرص التي تنفتح في حياتك وأن أفكارك ورغباتك الإيجابية قد بدأت تتحقق في العالم المادي بمعدل أسي.

 الرقم 111 له معنى إيجابي للغاية في حياتك ، كما لو كان الكون يصور في العالم المادي رغباتك ورغباتك. إذا كانت هذه هي حالتك ، فنحن نوصيك بالذهاب إلى طبيب نفساني لإرشادك حيث يمكنك التواصل مع كائناتك الخفيفة والاستفادة القصوى من هذه الرسالة التي يقدمها لك من أجل حياتك ، ومعرفة ما هي أفضل العرافين الإسبانية لمساعدتك.

 22 222 معنى في حياتي 2222

 الرقم 2 المتكرر عدة مرات يعني أنك في الاتجاه الصحيح لتحقيق أحلامك ولكن لا يزال هناك بعض العناصر المفقودة لأنها تتحد مع الكون لتكون حقيقة واقعة. ومع ذلك ، يجب ألا تشعر بالإحباط لأنه على العكس من ذلك ، يشير الرقم 22 إلى أنك بالفعل بصدد بناء هذه النتيجة الإيجابية لحياتك وأن الرقم 222 يخبرك بأنها ستكون في وقت قريب جدًا ، يصبح من الضروري فقط لك الحفاظ على ركزت الطاقة الإيجابية والأفكار على الهدف بحيث تتبلور رغباتك الأكثر رغبة في النهاية.

 ثم عندما تنظر إلى الساعة والرقم الذي تراقبه هو 22:22 ، راجع فوراً آخر تفكيرك قبل النظر في ذلك الوقت ، حتى تعرف أنه يجب عليك أن تضع في اعتبارك حتى يتم تلبية رغباتك ، ستدرك أن النتيجة رائعة.

 33 333 المعنى العصبي 3333

 هذا الرقم هو رسالة لما يسمى أسياد الصعود ، ويريدون إخبارك بأنهم في صفك وأنك تعتمد عليهم لإرشادك ، وهم يظهرون عندما ترى التسلسل المتكرر وهو 3. والرقم 333 هو يتم تفسيرها على أنها استجابة إيجابية من الكون الذي ، من خلال الأسياد الصاعدة ، يؤكد النتيجة الإيجابية لتلك الأسئلة التي قد تكون في حياتك. كتمرين ، فكر في شيء تريده وطرح سؤالًا حوله ، ثم ابدأ في تحديد العلامات في أحلامك أو وقت الساعة أو الطبيعة التي يمكنك من خلالها تحديد التسلسل الرقمي ، إذا كان التسلسل 3 الكون سوف ترد على "نعم" ، وتستمر على هذا الطريق.

 44 444 أو 4444 معنى لوس أنجلوس

 الملائكة معك ، ويحيطون بك ، ويظهرون لك أن لديك مساعدتهم بحيث تبدأ في تحقيق رغباتك ، وهذا الرقم هو رسالة واضحة مفادها أن الملائكة قريبة جدًا منك في تلك اللحظة وإذا كان الرقم 444 يخرج بعد طرح سؤال على نفسك الداخلية ، يمكنك أن تفهم أن الإجابة هي "لا" مدوية من الكون للأفكار التي لديك. يجب أن تكون حذرًا للغاية في أن تكون لديك أفكار سلبية أو مأساوية عندما ترى تسلسل الأرقام هذا 4 لأنها ليست جيدة لمستقبلك ، تذكر دائمًا الاحتفاظ بأفكار إيجابية.

 5 55 معنى 555 الدلالات

 لتحضير نفسك ، إذا رأيت هذا الرقم في أحلامك أو تجاوزت مسارك ، فهذا مؤشر على حدوث تغيير كبير في حياتك ، فلن يكون واضحًا ما إذا كان إيجابيًا أم سلبيًا لأن كل التغيير يولد التطور في النهاية. بغض النظر عن الحالة أو طبيعة التغيير ، فإن الشيء المهم هو أن الملائكة تحذرك من أن دورة مهمة على وشك الانتهاء وتبدأ دورة جديدة ، وهذا هو دورك لتحقيق أقصى استفادة من ذلك حتى تصبح إيجابي جدا بالنسبة لك.

 66 666 أو 6666 معنى الأحلام

 هذا الرقم الذي لديه بالفعل الكثير من السمعة السيئة ، هو علامة على أن السطح يحكم أفكارك الآن ، فأنت لا تركز على انسجام روحك ولكن لمنح حواسك بأي ثمن. إن الرسالة التي تقدمها الملائكة عند إظهار هذا التسلسل العددي لـ 6 هي أنه يجب عليك إيجاد توازن في حياتك يوازن بين السماء والأرض. إن خدمة الآخرين وتنمية روحك ستجلب لك كل المواد التي تريدها ، كما تخبرك الملائكة.

 الأرقام المتكررة ماذا يعني تسلسل 7 77 777 7777؟

 هذا الرقم غير عادي ، ويخبرك أنك على الطريق الصحيح وأن الملائكة مسرورة جدًا بأفكارك وأفعالك. يشير أيضًا إلى أن معجزة جيدة للغاية على وشك الحدوث في حياتك والملائكة يعلنون عنها لك. يفتح تسلسل الرقم 7 هذا الطريق أمام الأشياء الجيدة ، إذا كنت تعتقد أن شيئًا ما مستحيلًا ، فجربه أو اتخذ الخطوة الأولى بعد رؤية هذا الرقم أو الحلم به.

 معنى الرقم 88 888 8888

 انظر التكرار الرقم 8 الذي يجب أن تقوم بتشغيل الإنذارات ، لأنه علامة على أن شيئًا ما في حياتك على وشك الانتهاء ويجب أن تكون مستعدًا لتحمله بالطاقة الإيجابية. يشير تسلسل الأرقام هذا إلى أن الدورة العاطفية أو المهنية قد تنتهي ، لذلك إذا كانت لديك مشاعر أو نوايا للابتعاد عن وظيفة أو زوجين ، فعندما تتخيل هذا التسلسل ، فإنك تدرك أن الملائكة يقولون "افعلوها" ولا تفعلوها. التفكير في الأمر بعد الآن.

 ماذا يعني الرقم 99 999 9999؟

 يمكن تلخيص هذا الرقم في كلمة واحدة "بلغت ذروتها" ، إنها رسالة واضحة من الملائكة التي تساعدها في إنقاذ وإنقاذ الأرض الأم ، وبعبارة أخرى يحثونك على العمل من أجل المصالح الطبيعية والبيئية والعالمية والتوقف الجانب للحظة المصالح الشخصية أنه عندما يظهر هذا الرقم يمكن أن تؤخذ أمرا مفروغا منه.

 معنى تكرار الأرقام 0 00 000 0000

 إذا ظهرت سلسلة من الصفر في حياتك ، فهي رسالة من الله ، إنها طريقة تخبرك الملائكة أنك واحد مع خالق كل الأشياء وأن الكون يدعوك لإكمال حياتك المادية دورة في هذه الطائرة ، يجب ألا تخاف ، على العكس من ذلك تذهب إلى الأشياء الجيدة ومستوى أعلى من الوعي حيث يمكنك تصور الأشياء مع رؤية

تفسير اكثر الاحلام المخيفه شيوعا

Friday, August 30, 2019

الله احد

أنا لك
منك فيك إليك
من ازل إلى أبد
ومن روح إلى جسد
إلى روح بلا جسد
ومن أحد إلى كل
ومن كل إلى أحد

Thursday, August 29, 2019

فى عهد الحاكم بأمر الله جاء فيلسوف فارسى
من مدينة زوزن إلى مصر وجمع معه عدة فلاسفة من سوريا والعراق واليمن وقاموا
بفلسفة الأديان الابراهيمية وتطرقوا للفلسفة
اليونانية والهندية وخلصوا إلى تفسير عقلاني
جدا للأديان الأخرى من ركائز عقيدتهم التقمص
أى أن الموت هو بداية جديدة وكلما تعذر جسد
تشرق الروح على جسد إنسان يولد من جديد
فى دورة تقمصية لانهاية لها لاستخلاص الحكم
والعبر والمرور بجميع التجارب ومقتضى العدالة
الكونيه فالجنة والنار بالنسبة لهم هى حالة
فكرية أى العقل و الجهل المعرفة و العدم
ومانحن عليه اليوم كنا عليه من بدء الوجود
من مئات الملايين من السنين أى ولدنا
باجساد بشرية ومازلنا نتقمص حتى يومنا هذا
ووفق هذا النظام التقمصى الدائر يحاسب
الإنسان على أعماله وبنفس المكيال اذا لم
يكن فى هذة الحياة يكون فى الحيوات التى
تتبعها فترتبط الظروف والبيئة الحياتية التي
يمر بها الإنسان في تجسده الحالي بوشائج
لاتنفصم عراها بنتائج أعماله فى الحياة السابقة
فالميول والنوازع والأعمال التى يتبناها في تجسده السابق ترسم تفاصيل الحياة والبيئة التي
سيولد مجددا فيها وحتى انهاتحدد الميول الفطرية للجسد الجديد وقدراته وامكانياته والمحيط الذى
يسهل أو يعرقل حصوله على المعرفة والقدرة
على تحقيق الذات واستكمال ماعجز عن إتمامه في قميصه السابق

منقول

Tuesday, August 27, 2019

رؤيه الأرقام المتشابهة



إن الرؤية المتكررة ل 11:11 على الساعة على عارضات الطريق أو في أماكن أخرى خلال اليقظة تعني أنك مدرك لمفهوم التزامن، وأنك شخص حدسي جداً وذو روحانية عالية ومنجذب نحو دراسة الماورائيات.

إن تكرار رؤية بعض الأرقام وبالأخص 11:11 تعني أنه يجب عليك التركيز على إبقاء أفكارك إيجابية قدر الإمكان، لأن رغباتك سوف تتجسّد فوراً وتتخذ شكلاً. ضع كل انتباهك في ما ترغب بدلاً من في ما تخاف، وسترى الفرق في النتيجة.

حسب روزنامة المايا، فإن تحول العصور بدأ في 21 كانون الأول من العام 2012 عند الساعة 11:11، مشيراً إلى عصر جديد لكوكب الأرض، وهو تحوّل من عصر الظلام إلى العصر الذهبي. ومجموع 11:11 هو الرقم 4 الذي يعني التحول وانصهار الأنا.

كلما رأيت إشارة 11:11 فهذا يعني أنك تسلك الدرب الصحيح وأنك تتمتع بالحماية اللازمة. أثناء ذلك، يجب أن نصبح أسياد أنفسنا عوضاً عن الخضوع إلى السلبية والفوضى من حولنا. هذه الإشارات تدعنا نعرف كيف حالنا الآن وماذا علينا أن نفعل لاحقاً.

سوف تختبر صحوة مفاجئة حيث من بعدها الواقع لن تكون كما هو. ستخلق وضوحاً وشفاء وتوازناً في حياتك. لا تتوقع من الآخرين في حياتك أن يكونوا جزءاً من هذه الرحلة معك. أنت لوحدك فقط. سوف تبحث عن أصدقاء يشاركون تفكيرك وبدورهم قد تأثروا بهذه السلاسل الرقمية. عندما تفتح الباب الرقمي، لا مجال للعودة. سوف تدفعك روحك آلياً وبسرعة من مستوى من التجربة إلى مستوى آخر حتى “تدرك الأمر”. الوعي لديك يتوسع ويظهر فهم أسرع وأعظم وإدراك أكثر لمعاني التزامنات التي تصبح متكررة الحدوث أكثر.

معاني السلاسل الرقمية الأخرى

111 : تشير هذه السلسلة إلى أن أفكارك مرتبطة ببداية دورة حياة جديدة. ما تفكر أن تفعله أو أن تغيره هو صحيح للمرحلة الجديدة من حياتك. كما تعني تدفق الطاقة، جميع أنواع الطاقة. أرشد أفكارك بانتباه وتأكد بأنك تفكر فقط في ما ترغب وليس في ما لا ترغب. هذه السلسلة هي إشارة إلى وجود بوابة لفرصة قادمة، وأفكارك ستتخذ شكلاً. لقد فُتحت لك بوابة طاقة، وسريعاً ستتجسد أفكارك في الواقع. اختر أفكارك بحكمة هذه المرة، وتأكد بأنها تتلاقى مع رغباتك. لا تضع أي طاقة في أي مخاوف على الإطلاق، حتى لا تتحقق.

222 : هذه السلسلة هي إشارة تأكيد بأنك على الطريق الصحيح، وبأنك تقوم بالعمل المناسب وتتجه في الاتجاه الصحيح. كما تعني دورة جديدة، أي بداية دورة جديدة، تتحدّد طبيعتها بناء على السلسلة التالية التي تراها. والأفكار المزروعة حديثاً بدأت حقيقة في النمو. إستمر في تغذيتها والاهتمام بها وويوماً ما ستراها تثمر. استمر في العمل الجيد ولا تستسلم، استمر في الإحتفاظ بالأفكار الإيجابية والتأكيدات والتخيّل (Visualizing).

أفكارك تتوافق مع الحقيقة وهو تأكيد بأن هذه الأفكار صحيحة. مثلاً، إذا كنت تفكر في ترك وظيفتك، وتتخيل ماذا تريد أن تفعل بدلاً عن ذلك، فستتلقى 222 كتأكيد على الأفكار التي تقوم بموازاتها مع هدفك ورسالتك في هذه الحياة. هو تأكيد بأن أفكارك الحديثة هي على الطريق الصحيح وبأنه يجب أن تقوم بالخطوة المقبلة.

333 : إن الرقم 333 له ذبذبات وطاقات الرقم 3، وبظهوره ثلاث مرات فإنه يضاعف تأثيره ثلاث مرات. يرتبط الرقم 3 بالتشجيع والمساعدة والتواصل والحرية والمغامرة والإلهام والإبداع والحيوية وروح الفكاهة والطاقة والنمو والعفوية والانفتاح والتعبير والتوسع والرؤية ومبادئ الزيادة.

هذه السلسلة هي إشارة قبول لأفكارك ومشاعرك. أي أن الإجابة هي نعم للأسئلة التي طرحتها وللأفكار التي لديك. كما تشير إلى ضرورة اتخاذ قرار. قرار إما أن يقودك إلى رؤية 666 مما يعني أنه يجب أن تعيد الدرس مجدداً بطريقة أخرى، وإما يقودك إلى رؤية 999 مما يعني الإكنمال والإنجاز وأنك تعلّمت الدرس.

444 : هذه السلسلة هي إشارة عدم قبول لأفكارك ومشاعرك. أي أن الإجابة هي كلا للأسئلة التي طرحتها وللأفكار التي لديك. ما يحدث في الحياة هو درس حول تعلّم الواقع. والمقصود بالتعلم هنا هو قراءة الكتب أو دراسة مشروع ما وليس التنفيذ فعلياً. هذا الوقت ضروري لممارسة السيطرة على الذات وللتطوير الذاتي.

555 : هذه السلسلة هي إشارة إلى فكرة أو حدث يغير الحياة. يمكن أن يعجبك ذلك ويمكن أن لا يعجبك. ولكن الهدف هو إعلامك بأنه قد حدث للتو تغيير في مسار حياتك وقد حان الوقت لتتغير أنت أيضاً. تحرّك معه واتبع هذه الأفكار. لا يجب رؤية هذا التغيير على أنه إيجابي أو سلبي بل على أنه جزء طبيعي من دورة الحياة.

666 : أفكارك هي الآن غير متوازنة، ومركّزة كثيراً على العالم المادي، أو ناتجة عن لاتوازن فكري أو عاطفي. هذه الإشارة تعني أن أفكارك غير واضحة، ويجب أن لا تستمر في هذا المسار، دعها تمر. عندما تتكرر رؤية هذه السلسلة فذلك يعني بشكل عام أنه من الضروري الانتباه إلى أحداث مادية تحصل في هذه اللحظة ويجب أن تكون حذراً.

777 : هي إشارة إلى أن الدرس قد تمّ تعلّمه. إشارة إلى التقدير والإنجاز. لقد تعلّمت درساً يجب أن تتعلمه بخصوص حياتك. المقصود بالتعلّم هنا ليس فقط قراءة كتب ودروس حول الحياة بل وممارستها فعلياً أيضاً. تابع العمل الجيد وإعلم أن أمنيتك تتحقق. هي إشارة إيجابية بإمتياز وتعني أيضاً أنه بإمكانك أن تتوقع حدوث معجزات.

888 : هي مرحلة من حياتك على وشك الإنتهاء وإنذار إلى أنه يجب عليك أن تتحضر لذلك. هذه السلسلة ممكن أن تعني أنك تضع حداً لمهنة مرتبط فيها عاطفياً أو تضع حداً لعلاقة ما. كما تعني أيضاً أن هناك نور في نهاية النفق. لا تماطل في إتخاذ خطوتك أو الاستمتاع بثمار عملك.

999 : الإكتمال. هذه نهاية مرحلة مهمة في حياتك الشخصية أو في حياتك عامةً. إن أفكارك لحظة رؤية هذه السلسلة تشير إلى أن هذه الأفكار ستحمل معها إكتمال أو نهاية مرحلة من حياتك.

000 : الإتحاد مع الكون. إن أفكارك هي في إتحاد مع الكون. كما تشير لإلى أن الوضع هو في دائرة كاملة.

Monday, August 26, 2019

المنهج الحيوي الطاقي هو مغامرة اكتشاف الذات. وهذا الأمر يختلف عن تقصيات مشابهة حول طبيعة (الذات)، عند محاولة فهم الشخصية الإنسانية من وجهة نظر الجسد الإنساني. فمعظم الاستكشافات السابقة كانت تبئيرًا للعقل. فمعلومات قيِّمَة كثيرة تم الحصول عليها من خلال استقصاءات وأبحاث العقل، ولكنها في معظمها كانت تنسى أو تتحاشى أو تدع جانبًا الأرضية الأكثر أهمية من الشخصية: ألا وهو قاعدتها التي تقوم على أساس العمليات الجسمانية. لن يكلفنا الأمر الكثير الإقرار بأن ما يحدث في الجسد يؤثر بالضرورة على العقل، وهذا ليس بالشيء الجديد. ولكن الموقف الذي يتخذه المنهج الحيوي الطاقي هو أن العمليات الطاقية للجسد تحدد ما يحصل في العقل بالطريقة نفسها التي يحدد فيها ما يحصل في الجسد.

في عام 1975 أصبح المنهج الحيوي الطاقي معروفًا نسبيًا، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو خارجها خصوصًا في أوروبا، على الرغم أن مؤسس هذه المدرسة العلاجية العالم الكبير ألكسندر لوون - وهذه المدرسة تحمل علم النفس الرايشي في طياتها مع تطوير لأسسه ضمن منحى علاجي - لم يقم بتأسيس منهجه بهدف الربح المالي، وإنما كدمج علم النفس ونظرته الفلسفية للموجود الإنساني، واستنباط مبادئ علاجية فعالة لاستعادة الكائن الإنساني لطبيعته وحريته الحقيقيتين، وبالتالي إيجاد إجابات لصراعاته الأساسية.

لدينا في عمل ألكسندر لوون كتابه الذي نعتمده في دراستنا هذه أي كتاب المنهج الحيوي الطاقي[1]. ولدينا في هذا الكتاب محاولة في تنظيم يقوم منحاه على فهم العمليات الطاقية على قاعدة قوامها السلوك الإنساني، وبالتالي سوف نجد هنا أيضًا كما في التاسوعية سابقًا: خمسة أنماط سلوك أساسية تختلف الواحدة عن الأخرى بعملياتها الطاقية التي سوف نعمل على شرحها واحدة فواحدة في نهاية البحث تقريبًا.

ونرى الكتاب يتطرق أيضًا إلى المنحى الوظيفي الأمر الذي جعلني أستخدم غالبًا المنهج الحيوي الطاقي الوظيفي، الأمر الذي يشير إليه مثلاً: معنى تموضع الغدتين الكظريتين فوق الكليتين، فلا معنى لمكان تموضعهما إذا لم ندرك أن موضعهما هو النقطة الأكثر أهمية في الجسم كمركز مضاد للشعور بالضغط والكرب estresse فتقوم بإفراز هرموناتها كاستجابة لحالة الشعور بالضغط والكرب. أساسًا هذا الشعور هو مظهر للشعور بالجاذبية بشكل خاص بالنسبة للكائنات الإنسانية الذين يتوجب عليهم مقاومة قوة الجاذبية عندما يقفون على أقدامهم. ومن الطبيعي أن هذا الأمر لا يمثل مشكلة بالنسبة للشخص الناضج، ولكن الشعور بالضغط وبالكرب قد يزداد بشكل كبير إذا ما حمل الشخص حملاً أو عبئًا هائلاً. وبالتالي يتم الشعور بهذا الـ estresse في المنطقة القطنية من الظهر حيث تكمن منطقة الغدتين الكظريتين اللتين تتفاعلان مع الحدث فتفرزان هرمون الأدرينالين الذي يعبئ الجسم باحتياطي قوى الجسد لمواجهة الوضع الباعث على الشعور بالضغط والكرب. وثمة مثال آخر ألا وهو تموضع الغدة الدرقية فوق الرغامى (قصبة الرئة) مباشرة تحت الغضروف الدرقي. وبنفس الطريقة التي رأينا فيها تموضع الغدتين الكظريتين للتفاعل عند حدوث الشعور بالضغط، فالغدة الدرقية متموضعة لكونها حساسة لعملية التنفس. وهذا يوحي لنا بأن إفراز هرمون التيروكسين tiroxina الذي يضبط النشاط الاستقلابي للجسم، فهو مرتبط بشكل مباشر بكمية الهواء الذي نتنفسه.

يعرف الطب هذه العلاقة المتبادلة منذ وقت طويل، وقد استخدم النشاط التنفسي لقياس مدى إنتاج هرمون التيروكسين.

إن نوعية التنظيم العضوي الحي للجسم لا يعمل كماكنة صلبة، وإنما يتفاعل مع الوسط المحيط بطريقة حساسة. فالأحاسيس هي حركات أو تيارات داخلية لاستثارة أو طاقة ناجمة عن مركز العضوية باتجاه السطح كاستجابة لمؤثرات العالم. وهذا التيار من الاستثارة يتبع مسارات معينة وفقًا لطبيعة المؤثرات. وعندما يبلغ التيار سطح الجسم نعي إحساسًا ونعطي اسمًا لهذا الإحساس. فمثلاً ذات مرة اختبر مؤسس المنهج نفسه أي ألكسندر لوون أثناء عمله على الجسد فأحس بموجة من الاستثارة تصعد من منتصف ظهره حتى الرقبة فأدرك أن شعر أعلى الظهر والجمجمة قد انتصب بفعل الموجة التي مرت من خلال أعلى الرأس ثم نزلت حتى أنياب الفم. فأحس بصوت دمدمة (هرير) يتضخم في داخله. ثم يصف الأمر أنه كان أشبه بموجة غضب حيواني عميقة، مثل كلب عندما يصرف على أسنانه ويستعد للهجوم. ويصف أيضًا كيف وعى هذا التيار من الغضب، وبوسعه تذكره دائمًا. إنني أذكر هذه الخبرة للإشارة فقط إلى ارتباط الطاقة الحيوية بوظائف الجسد والعقل والنفس والروح في كتلة جسمانية واحدة. فإن تيار الاستثارة عبر النسيج الجسماني ممكن لأن هذه الأنسجة هي على قدر كبير من السيولة بمعنى آخر مكونة من ماء مع مركبات عضوية واستقلابية فضلاً عن الأيونات المنحلة فيها.

الحساسية، والأحاسيس والحركات العفوية ليست أكثر من صفات جوهرية للنسيج الحي أي الحياة. ففي حالة الصحة تحدث هذه الوظائف بشكل حر، وتعطي للعضوية الحية الإحساس بالوجود والغاية من وجودها. فالمعنى الأساسي أو الجوهري هو ببساطة "أن تكون" الذي يمكن ترجمته على أنه "الشعور الجيد" أي "الهناء" في حالة التنظيمات العضوية الواعية. إن أي تشويش على التيار الطبيعي للاستثارة في جسم، يضعف الإحساس بـ"الشعور الجيد" (الحضور الحسن، أو الشعور بالهناء). وبالتالي، فالهدف من العلاج يكمن في استعادة تيار الاستثارة المُحَرَّر. كل الانحصارات (توقفات سيلان الطاقة) بالنسبة للعلاج ليست سوى حالات من انكماش في الأنسجة خصوصًا في الجهاز العضلي. فالشعور باللذة، و"الحضور الحسن" (الشعور الجيد) إنما هي إدراكات واعية لمسار حر للاستثارة. والألم، والقلق مرتبطان بانحباس لهذا التيار. فالانحباسات (توقفات سيلان الطاقة) تتسبب بها توترات عضلية مزمنة في العضلات الكبيرة المُثلَّمَة التي تكسو الجسد، وفي العضلات الملساء التي تشكل أنابيبًا متنوعة لداخل الجسم، ومن بينها الأوعية الدموية، ومجاري الهواء، والأمعاء، والرحم. إنه ليس بالعمل السهل أن نفك انحصارات الطاقة ونعمل على استعادة حرية سيلان تيار الاستثارة في الجسم ككل!

إن كل عضلة متوترة هي عضلة خائفة. الخوف يعادل الانكماش، ويجب أن يتم فهمه والإحساس به وإطلاقه. حالة الانكماش أيضًا هي ظرف محزن جدًا. ولكي يتم التحرر من الانكماش يجب أن يتم التعبير عن الشعور بالحزن. وثمة أيضًا الشعور بالغضب المكبوت في حالة الانكماش، ويجب الشعور به، وقبوله وتفريغه. أخيرًا وليس آخرًا، يصف المنهج الحيوي الطاقي كيف يمكن فعل ذلك.

مفهوم الطاقة الحيوية (الاهتزاز)

يقول ألكسندر لوون في كتابه المنهج الحيوي الطاقي:

إن الطاقة متضمَّنَة في حركة الأشياء كلها سواء الحية منها أو غير الحية. ونعتبر هذه الطاقة في التفكير العلمي السائد أنها ذات طبيعة كهربية. إلا أن رايش أكد أن هذه الطاقة تستخدمها الكائنات العضوية الحية، وهي طاقة كونية أسماها بـ"الأورغون" وهو اسم مشتق من كلمة عضوية باللاتينية Organismo لا تملك طبيعة كهربية، وهي طاقة الحياة باختصار.

ولذلك نسميها بالطاقة الحيوية، ويتم الإحساس بها على نحو اهتزاز داخلي. وبالتالي فالطاقة موجودة في كل سياقات الحياة سواء في الحركات أو في المشاعر أو حتى في الأفكار...

لعل عملية التركيب الضوئي التي تقوم بها النباتات هي القدرة التي تتمتع بها هذه الأخيرة في استخدام طاقة الشمس ودمجها فيها وتحويلها إلى أنسجة عشبية. أما الكائنات العضوية أو الحيوانات فتستهلك الطاقة الناجمة عن عملية تمثل الغذاء فيها مستخدمة في النهاية طاقة الأوكسجين في عملية احتراق الطعام، وإلى ما هنالك من عمليات عضوية داخلية.

بما أن الحمولة والتفريغ يعملان كوحدة، فإن المنهج الحيوي الطاقي الوظيفي يعمل مع كلا جانبي المعادلة على نحو تزامني... فثمة مفهوم آخر يرافق الحمولة والتفريغ هو مفهوم السيلان الذي يشير إلى حركة داخل الكائن الحي، وأفضل تعبير عنه هو الجريان الدموي...

وعندما نأخذ بعين الاعتبار أن 99% من الجسم مكون من الماء، حيث يتكون قسمه الأعظم من أغلبية سائلة، فبإمكاننا أن نتخيل أحاسيسًا ومشاعر وانفعالات كما لو أنها تيارات أو أمواج لهذا الجسم السائل... فتحركات الكائن الحي هي أشبه ما تكون بأمواج بحيرة، مصدرها قوى داخلية....

بناء عليه، فالجسم عبارة عن نظام طاقي في تفاعل طاقي مستمر مع وسطه المحيط...

لقد ذكرنا آنفًا أن الإحساس بالطاقة كالإحساس بالنبض (الاهتزاز)، فهو يشير إلى ارتفاع في الحمولة الطاقية، ويتم الشعور بها في الشفتين اللتين تأخذان بالارتجاف وفي عضلات الساقين اللتين تسترخيان وتصبحان أكثر طاقية، وتأخذان بالاهتزاز الداخلي..

إن الاهتزاز هو تجل للحياة، فالجسد الحي ينبض، والاهتزاز مظهَر لخاصية النبض التي يتمتع بها النسيج الحي. وإذا لم يكن الشخص يخشى أن يفقد الضبط لنفسه، فالاهتزاز يصبح مرحبًا به كتحرر من الخاصية الصلبة لطبيعة العصاب!

لا يخشى الشخص السوي أحاسيسه خاصته، فخشية الأحاسيس هي علامة الشخصية العصابية. فنحن ما نشعر به.

يتعلق العلاج باستعادة الفعل الاهتزازي للعضلات الأمر الذي يقتضي ازديادًا للطاقة في الجسد خصوصًا في العضلات. وازدياد الطاقة في الجسم يتطلب أن يكون التنفس أكثر عمقًا.

اعتاد رايش على القول حول التنفس: "لا تفعل شيئًا"، فالجسد يعرف كيف يتنفس. وما علينا إلا الاستسلام إليه، وإذا لم نثق بالجسد فلن نثق لا بأنفسنا ولا بالطبيعة ولا بالله.

أحد الأمثلة لتجلي الصحة الانفعالية واختبار النشوة هو ما سوف يكون موضوع فقرتنا القادمة. وهو عبارة عن حركة اختلاجية لا إرادية ذات نمط خاص من الاهتزاز هو ما يسميه رايش بانعكاس هزة الجماع وهو ذو طابع شعور باللذة لأنه يضاعف من حركات الجسم في ذروة الفعل الجنسي من دون أن يكون هناك أي حمولة جنسية في الأعضاء التناسلية.

إذن نعود لموضوع فقرتنا "مفهوم الطاقة (الاهتزاز)". إن معظم الأشخاص لا يحسون بأقدامهم، وآخرون لا يحسون حتى بسيقانهم، وتنفسهم سطحي، الأمر الذي يسبب مستوى منخفضًا من الطاقة في الجسم وفقدانًا بالتالي للفعل الاهتزازي. ينجم عن هذا، حتى بالرغم من غياب إحساسهم بالكآبة، أن يفعل هؤلاء الأشخاص على مستوى انفعالي مكتئب، وبالتالي يعيشون ثابتين في الوظيفة الواعية وفي تمرين الإرادة وليس وفقًا لأحاسيسهم.

نعثر في كل مشكلة عصابية على جذور في الحالة الجسمانية من الإنهاك الاهتزازي أو المنع. امتناع عن الاهتزاز، امتناع عن الأداء، امتناع عن الوظيفة... الخ... وبما أن التوتر العضلي المزمن مسؤول عن الجسم المكتئب أو المحمل بشرط من نشاط في أعلى مستوياته! فالنشاط الاهتزازي للجسم هو قاعدة الحياة الحساسة. وبالتالي فالتحدي الذي يقوم عليه العلاج يكمن في إرجاع الجسم لحالته الاهتزازية، حالته الوظيفية، حالة حيويته الطبيعية، محررًا إياه من توتراته العضلية المزمنة التي تعيق تيار الاستثارة عبر الجسم. وعندما يحصل ذلك فهذا التيار يعبر الجسم مثل نهر يفيض عبر ضفتيه يزبد على الصخور في كثافات هائلة، يتراكض عبر مجراه في سرعة هائلة.

يتوجه العمل العلاجي إلى دفع المريض نحو الشعور بالصدمة، فهذه الصدمة تزعزع مؤقتًا البنية العصابية، وتسبب في حالات كثيرة اهتزازات وارتجافات. وهذا الأثر يمكن أن يصبح محوِّلاً ولكنه عموماً يفتح الباب جزئيًا.

البكاء العميق أيضًا في السياق العلاجي يؤدي إلى شعور بالاهتزاز يعبر الأنبوب الداخلي للجسم وللحبال الصوتية. وأخيرًا فالبكاء العميق يجعل القلب ينفتح على العالم...

انعكاس هزة الجماع

يشير الدكتور فريديريك بيرلز مؤسس العلاج الغشتالتي إلى أن بنية العصاب تتشكل من خمس طبقات. يسمي الأولى بـ"الكليشة" وهي (تكرار لنفس الحركات ونفس الكلام في اللقاءات والمناسبات... الخ). تأتي الطبقة الثانية وراء هذه وهي ما يسميها بـ"تأدية الدور" فهنا يكون الشخص كالممثل فهو مجرد مؤد لدور ما لا أكثر، كأن يكون طيبًا فهذا لا يعني بالضرورة أنه طيب وإنما يؤدي دور الطيب. وبعبارة أخرى يتصرف المرء في هذه الطبقة "كما لو أنه ذلك" ولكنه ليس ذلك!... فمن هو؟ إنه ذلك العصابي الذي ما زال يختبئ خلف طبقاته هذه... إذن فلنبحث عنه لكي نخلصه من معاناته، إننا الآن نقع في الطبقة الثالثة ويسميها بيرلز "المأزق"، وهنا يشعر المرء بأنه مسجون ضمن أمر ما، لا يستطيع الخلاص منه، ويشعر أنه ضائع تمامًا. وتتسم هذه الطبقة بسمة "الفوبيا" أو "الخوف" فهنا يتجنب الإنسان أمرًا ما على نحو دائم. وهنا يتلاعب الشخص مع العالم عوضًا عن معاناة ألم النمو. ففي هذه الطبقة يتحاشى المرء تمامًا مواجهة ألم المأزق. فخلف هذه الطبقة توجد الطبقة الرابعة والتي يسميها بيرلز بـ"الموت"، فهنا تظهر الطبقة على أنها موت أو خوف من الموت. وحالما ندخل باتصال مع هذه الطبقة ينبجس أمر ما. هذا الانبجاس يصبح انفجارًا. فطبقة الموت تعود إليها الحياة. وهذا الانفجار هو الصلة مع الشخص الحقيقي القادر على الاختبار والتعبير عن انفعالاته. وهناك أربعة أنماط أساسية لانفجارات طبقة الموت. فهناك الانفجار حزنًا عفويًا إذا ما كنا نشتغل على فقدان ما، أو موت لم يتم تمثله جيدًا. ونحن من دون شك نتذكر في سياق العلاج الحيوي الطاقي أهمية الوصول إلى "البكاء العميق". أما النمط الثاني من الانفجار فهو الانفجار في شعور بهزة جماع بالنسبة لأشخاص منحصرين جنسيًا (طاقتهم الجنسية محصورة أو متوقفة عند الأعضاء التناسلية فقط) وهذا هو موضوع فقرتنا، أي انعكاس هزة الجماع، وهو أمر علق رايش عليه أهمية كبيرة في بلوغ الشفاء الداخلي. أما النمط الأخير فهو الانفجار فرحًا وضحكًا. فالضحك أيضًا شأنه شأن البكاء العميق عامل شفائي بامتياز، يقود إلى الاتصال بالشخص الحقيقي أو النواة العميقة للكائن الإنساني.

إذن، نعود إلى النمط الثاني من الانفجار الذي أشار إليه بيرلز والذي جعل رايش منه الهدف العلاجي الشفائي الأخير. ألا وهو الوصول إلى ما أسماه رايش بـ"الانعكاس لهزة الجماع". يقول ألكسندر:

يكمن هدف العلاج بالنسبة لرايش في تطوير قدرة المريض على الاستسلام كليًا إلى الحركات العفوية واللاإرادية للجسم، والذي يؤدي بالنتيجة إلى استسلام لتنفس أكثر امتلاء وعمقًا على قدر الإمكان. وإذا ما تم ذلك فبوسع الأمواج التنفسية أن تولد تموجًا يدعوه رايش بالانعكاس لهزة الجماع.

آلية "انعكاس هزة الجماع"

هنا لا توجد حمولة، وبالتالي لا يوجد تفريغ، ولذلك أسماها رايش بـ"انعكاس هزة الجماع". وبما أن رايش كان يُعَرِّف هزة الجماع على أنها مختلفة عن القذف أو الذروة. فهي تمثل بالنسبة إليه ردة فعل لا إرادية للجسم ككل، تظهر ردة الفعل هذه في حركات إيقاعية واختلاجية.

وبالتالي عمل رايش على استنساخ هذه الهزة الحقيقية في تمرين أسماه "الانعكاس لهزة الجماع" عندما يكون التنفس حرًا بشكل كامل، والمرء في استسلام لكامل لجسمه... إذن، كما أشرنا أنه لا توجد في هذه الحالة ذروة أو تفريغ لأنه لا يوجد أصلاً تراكم للإثارة. وما يقوم به المريض إنما هو تحريك حوضه بعفوية إلى الأمام مع كل زفير، وإلى الوراء مع كل شهيق. وتنجم هذه الحركات بسبب الموجة التنفسية وفقًا لدورانها نحو الأعلى ونحو الأسفل متحركة من خلال الشهيق والزفير. وفي الوقت نفسه يقوم الرأس بحركات مشابهة للحوض مع الاختلاف بأن الرأس يتحرك نحو الخلف في فترة الزفير، وإلى الأمام في فترة الشهيق. ونظريًا فإن على المريض أن يتمتع بجسم حر بما فيه الكفاية لكي يستطيع الحصول على مثل هذا النوع من الانعكاس لهزة الجماع خلال جلسة العلاج، وبالتالي يكون قادراً للوصول إلى ما أسماه بيرلز "الانفجار" من خلال هزة جماع كلية في الفعل الجنسي. وبالتالي يجب اعتبار مريض كهذا سويًا على نحو انفعالي...

ثمة أمر يجب أن يظل واضحًا: إن الانعكاس لهزة الجماع ليس عبارة عن هزة جماع. فالانعكاس لهزة الجماع يحدث في مستوى منخفض من الاستثارة وهو حركة صغيرة الانتشار. ويتم اختباره كإحساس باللذة مع حرية داخلية تشير إلى ضآلة التوتر في الجسم.

تمرين التقوس

طوره ألكسندر لوون في "المنهج الحيوي الطاقي" كعامل مساعد لاستسلام أكبر للساقين والقدمين، ولإحساس أكثر رسوخًا بالاستناد على الأرض. ويُدعَى هذا التمرين بالقوس أو التقوس، ويُعتبَر وضعية أساسية للتوتر.

يشير الخط الموضوع فوق الرسم إلى القوس، أو التقوس الصحيح للجسم. والنقطة الوسطى للكتفين متموضعة مباشرة فوق النقطة الوسطى للقدمين، والخط الذي يوحد هذه النقاط هو قوس يكاد يكون كاملاً ويمر من خلال النقطة المركزية للمفصل الوركي.

عندما يكون الجسم في هذه الوضعية، تكون أجزاؤه في توازن كامل. ويكون التقوس (القوس) مشكلاً ومهيأ للحركة على نحو ديناميكي. ويكون الجسد على نحو طاقي محملاً من الرأس إلى القدمين. وهذا يعني أنه توجد سيالة من الاستثارة عبر الجسم. ويمكن الشعور بالقدمين على الأرض والرأس في الهواء، وفي الوقت نفسه ثمة إدراك لتكامل واتصال كليين... ويكون هذا التمرين عبارة عن وضعية توتر فإنه محمل على نحو طاقي، وتبدأ الساقان بالاهتزاز.

نستخدم هذه الوضعية لكي نجعل الأشخاص يشعرون بأنهم متكاملون ومتصلون، وأقدامهم مغروسة بثبات ورؤوسهم مرفوعة. لكننا نستخدمها أيضًا على نحو تشخيصي لكونها تفضح غياب تكامل الجسد مشيرة بدقة إلى مكان وطبيعة التوترات العضلية الرئيسية، وقد تم العثور بالتزامن مع اكتشاف وتطوير هذا التمرين على تمرين مشابه له يمارسونه في الصين ويُدعَى بـ"التقوس الطاوي" يسعى الممارس له أن يحصل على انسجام مع الكون من خلال توافق حركات الجسم مع تقنية التنفس.

الاتصال بالأرض Grounding

يمكننا القول حرفيًا إن تحليل المنهج الحيوي الطاقي قد تطور من الأرض إلى الأعلى، ولذلك علَّق ألكسندر لوون أهمية كبيرة على كيفية وقوف المرضى على أقدامهم إلى أي مستوى وصلت حساسية أقدامهم، وأي إشارات حيوية تظهرها. فدرجة الحيوية كانت تشكل مقياس الطاقة في أقدامهم.

آلية الاتصال بالأرض تقوم أولاً على الوقوف على القدمين مُبتعدَتَين، والركبتان مطويتان قليلاً والجسم مائل إلى الوراء، فهذه الوضعية تعطي شعورًا قويًا بامتلاك قدمين على الأرض. والبقاء في هذه الوضعية عدة دقائق وبعدها الانحناء إلى الأمام وملامسة الأرض من خلال رؤوس أصابع اليدين والركبتان مطويتان قليلاً والقدمان متوازيتان على مسافة ثلاثين سنتيمترًا تقريبًا، والمحافظة على هذه الوضعية لعدة دقائق يحرر اهتزازًا لا إراديًا في الساقين...

بما أن النشاط الاهتزازي للجسم الإنساني هو حركة عفوية يكون فيها الإنسان قادرًا على الإحساس بها، ويشكل هذا الإحساس قاعدة وعينا الذاتي، كما أن غيابًا كاملاً للأحاسيس يشير إلى جسم ميت داخليًا. وللسبب نفسه، فالقدمان الميتتان طاقيًا لا تملكان إحساسًا ولا تمنحان للشخص الإحساس بأنه متصل مع الوسط المحيط. أن يكون المرء على اتصال بالأرض يعني أن يكون على اتصال حسي معه. فالأرض حرفيًا هي المصدر ودعامة وجودنا، ولذلك نسمي الكوكب أمنا الأرض.

إن نوعية الوقفة على القدمين تعكس الشعور بالأمان وبالتالي، الدعم الذي تم تلقيه في السنوات الأولى من الطفولة. وتجارب متلاحقة تؤثر فيما بعد على نوعية الوقفة وكيفية البقاء على القدمين.

الشخص الذي لا يختبر ذلك الصنف من التجذر في سني حياته الأولى سيكون لديه الإحساس نفسه تجاه الحياة الخارجية. "هذه جذوري" يمكن ترجمتها أيضًا على نحو "هذا ما أنا عليه".

لدى أشخاص كثيرون يجري تعويض الضعف في السيقان بنمو زائد للأنا.

ذكاء الشخص متعلق بشكل مباشرة بدرجة ونوعية تجذره في الواقع أو في مستواه من الاتصال بالأرض Grounding.

يفكر الشخص المتجذر بجسمه كله، ومشاعره، وأحاسيسه تشارك بقوة بأفكاره كلها.

فقدنا جذورنا منذ بداية الحياة، عندما أحسسنا بالخوف وانعدام الشعور بالأمان بسبب غياب الدعم. ففي لحظات الشعور بالخوف تنسحب الطاقة من السطح وتتركز في الأجزاء الداخلية ضمن المناطق الأساسية أي الدماغ والقلب. وبالتالي، عندما تنسحب الطاقة من القسم الأدنى من الجسد بناء على اختبار الخوف مما يحصل هو فقدان الاتصال بالأرض الـ Grounding، عوضًا أن يكون الفعل من خلال قدمين في الأرض.

ومن الجدير بالذكر أن الفرد غير المتجذر كائن منعزل، انفصل عن شجرة الحياة، مخلوق من دون بيت، فالبيت بالنسبة لكل شخص هو جسمه خاصته. وبالتالي فما نحتاج إليه هو السقوط في الحقيقة، في حقيقة جسمنا وفي علاقتنا مع الأرض، ولذلك سوف نجد أنه من الضرورة بمكان التطرق إلى تمرين السقوط في نهاية هذا البحث.

ثقافتنا ثقافة فكرية، فإن معظم الأشخاص الذين يعيشون فيها يتوجهون من خلال الرأس. ويستخدمون إرادتهم عبثًا في مجهود لاستعادة حيوية أجسامهم، فالإرادة هي أداة الأنا الذي يبعد الشخص عن الاتصال بجسمه وأحاسيسه. لا يمكن حل هذه المشكلة في الرأس وإنما من الأرض إلى الأعلى، علينا بالأحرى أن نبدأ من أقدامنا.

إذن في المنهج الحيوي الطاقي ثمة موجتان تنفسيتان: واحدة صاعدة عبارة عن نبض طاقي صاعدة عبر القدمين الأمر الذي يقتضي انكماش العضلات الخاصة بالتنفس. والموجة الأخرى وهي نازلة عبر القدمين ويرافقها استرخاء العضلات. موجتان ذات طبيعة نبضية إيقاعية متساويتان فيما يتعلق بكثافة الحياة وامتلائها في داخل الجسم. فهذا المبدأ في قاعدة إثبات عام في المنهج الحيوي الطاقي الذي يحمِّل العينين بشكل مساوٍ تمامًا للتحميل في القدمين. ما أن يتحقق عمل مكثف على التنفس بطريقة أو بأخرى يشعر الأشخاص أن الحمولة الطاقية للقدمين قد ازدادت، ويروي الأشخاص عن تحسن ذي معنى في الرؤية أيضًا. ذلك أن عيونهم تبدو أكثر بريقًا وأكثر شدة.

يساعد تمرين الـ Grounding الشخص على أن ينفتح على الأحاسيس الأكثر عمقًا، وعندما يمارس تمارين تنفس والشعور بالاهتزاز الطاقي يحتاز على تجربة جسمانية كلية يمتلئ من خلالها بالحياة والطاقة. فهم مع شعورهم بأقدامهم تلامس الأرض وبواسطة الاتصال بالأرض يحسون أنهم متصلون بالجسم ككل.

ليس فقدان الشعور بالأمان هو الثمن الوحيد الذي ندفعه من أجل طريقة لحياة من دون جذور في الأرض. بالنسبة للأغلبية إن فعل المشي ليس نشاطًا باعثًا على الشعور باللذة في حد ذاته، وإنما هم يسيرون من أجل الوصول إلى ثمة مكان أو كمجرد تمرين لا أكثر.

إن الحركات الرشيقة (اللطيفة) هي السمة الأساسية للفرد المتصل بالجسم وبالأرض. وعندما يتحرك شخص بطريقة ظريفة فهو على اتصال بالإيقاعات الأكثر عمقًا للحياة. وفقدان الرشاقة (الظرافة) يشير إلى فرد غريب عن عالمه. وعوضًا عن استسلام إرادته في حركات انسيابية تراه لا يشعر بالأمان وفاقدًا للمرونة.

إنما تعود طبيعة الرشاقة (الظرافة) إلى الشعور بأننا نملك الدعم وحافز أمنا الكبرى أي الأرض.

قوتنا تأتي من الأرض مثلما هو الأمر عند الأشجار. فإذا ما تم قطع جذورنا مع الأرض، فسوف نموت، ليس موتًا جسمانيًا، وإنما موت طاقي أو روحي.

من الأهمية بمكان التأمل بكيفية عمل الجزء العضلي لمشط القدمين في إتاحة هذا الاتصال. ألكسندر يرى صورة موجة استثارة إلى أسفل من خلال الساقين في حركة حلزونية. وفي النهاية فإن الحركات الحية كلها لديها اتجاه حلزوني. فالحياة لا تحدث ضمن خط مستقيم. والجزء العضلي لمشط القدم هو مثل قمة شيء يقوم بتركيز وتفريغ الحمولة. يحصل التفريغ في حركة معاكسة نحو الأعلى من خلال الساقين وصولاً للمنطقة التناسلية. اختبر ألكسندر هذه الحركة الصاعدة عدة مرات، ومع ذلك لا يتوقف التيار عند الحوض أو المنطقة التناسلية فإن موجة العودة تتابع تحركها نحو الأعلى من خلال الظهر حتى الرأس. وثمة نقطة في قمة الرأس مواز للقمة للجزء العضلي من مشط القدم. وهذه القمة الأخرى تتمركز في فروة الرأس حيث الشعر يدور في دوامة حول النقطة المركزية التي هي الأخرى نقطة تفريغ.

ومن الجدير ذكره أنه كما القدمان هما مركز اتصالنا بالأرض فحدقتا العين لهما وظائف مشابهة للقدمين فالعين هي نقطة اتصالنا البصري مع العالم الذي نحن فيه.

ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الجسم يحتاج إلى توازن طاقي. فالحمولة والتفريغ الطاقيان يجب أن يكونا متساويين. وإذا ما كانت حمولة فرد تزداد إلى ما هو أبعد من قدرته على تفريغها فإن توازنه يختل وحركاته تصبح شواشية، ويشعر بالضياع. وإذا كان تفريغ الطاقة أعظم من عامل الطاقة الممتصة فالشخص يضعف ويموت.

أخيرًا وليس آخرًا، فالخوف عظيم من أن يصبح المرء منظومة أكثر حياة وأن يعاين الخوف أي خوفه الحقيقي، والحب، والغضب، والحزن، وأن يتخلى عن الدفاعات العصابية كسمة الطبع التي سوف تكون موضوع فقرتنا التالية. لدى المرء إذن خوف من الاستسلام للأحاسيس، وللحياة، وللجسم، وهذا واقع ذو طابع معدٍ ينتقل بالعدوى بين أفراد أجيالنا، الأمر الذي يجعل المرء يحقِّر الجسم على حساب العقل. وبالتالي فإن فكر الفرد هو أسمى من مشاعره وأحاسيسه، والقدرة أكثر أهمية من السرور، والفعل يعطي معنى للحياة، وليس أن يكون أي أن يوجد، أن يكون سعيدًا بذاته. هذا الموقف الذي يسم الشخص النرجسي الذي أصبح اليوم هو الشخصية المهيمنة في ثقافتنا المعاصرة.

علم الطباع الإنسانية

قبل أن نخوض في علم الطباع الإنسانية من منظور ألكسندر لوون الذي طوره عن معلمه فيلهلم رايش، وهذا الأخير اقتبس أو بالأحرى أنضج هذا المفهوم من خلال المعلم الأول زيغموند فرويد الذي رسم معالم طباع معينة وفق سيرورة نمو الليبيدو عند الطفل فأسمى هذه المراحل التي ميزت طبعًا خاصًا من خلال تفاعل الليبيدو في هذه المرحلة أو تثبته عليها فتمنح للطبع سمته العصابية. أولاً: الطبع الفموي؛ ثانيًا: الطبع الشرجي؛ ثالثًا: الطبع القضيبي؛ رابعًا: الطبع التناسلي. وإذا تحدثنا بلغة الغشتالت فالغشتالت يبدأ بالفموي وينغلق في التناسلي، إنه دائرة تشير إلى نضوج الكائن الإنساني لكي يمارس فعالياته بنجاح في المجتمع ككل.

والآن أتى رايش فطور الموضوع مع تركيزه على هزة الجماع كاملة تكون معيارًا للصحة السوية للإنسان، وبالتالي فإن بنى الطبع هذه ليست أكثر من آليات دفاع ذات طبيعة عصابية يتم فيها انحصار الليبيدو أو الطاقة الجنسية، وبالتالي إذا ما أردنا تحرير هذه الطاقة علينا أن نخوض في هذه المتاهة التي هي بنية الطبع وأن نعمل على تفكيكها حتى يتكامل الكائن الإنساني ككل، ويستطيع بلوغ هزة جماع كاملة تشمل الجسم بأكمله في موجة من النشوة تكون معيار الشفاء.

التحول الذي طرأ على نظرية نمو الليبيدو وتشكل الطبع عند فرويد هو ما يلي:

بالنسبة إلى رايش فما يميز تشكل بنية الطبع تكون بادئ ذي بدء ما يسميه بالدرع العضلي، وهو الذي يحتوي على عضلات ذات توترات مزمنة تحدد آليات الدفاع وبالتالي بنية الطبع ذا الميل العصابي. فهذه التوترات يتم احتباس الطاقة فيها وبالتالي لا تنساب عبر الجسم الأمر الذي يشير إلى مقدار صحته الداخلية.

في الحقيقة إن رايش يضيف مرحلة على ما أسماه فرويد بالطور الفموي، ويسميها رايش بـ"المرحلة الرؤيوية" ففي رأيه أن المنطقة النوعية الأولى التي يتصل من خلالها الرضيع مع العالم والمشاعر والأحاسيس كاستجابات تنشأ عن هذه المنطقة بالذات. وهذه المنطقة حساسة لدرجة أنها أول منطقة تتلقى الشعور بالصدمة من خلال تعابير الغضب أو غير ذلك ممن يحيط بالرضيع. ثم تأتي المرحلة التي أشار إليها زيغموند فرويد "المرحلة الفموية"... الخ.

أما الدرع العضلي الذي أشرنا إليه من خلال ما أشرنا إليه "العضلات التي تحوي التوترات المزمنة". وتبدأ أول ما تبدأ بالحلقة الرؤيوية حول الجمجمة ثم الحلقة الفموية ثم حلقة الرقبة ثم حلقة الحجاب الحاجز حيث تتسع منطقة الصدر بين حلقة الرقبة وحلقة الحجاب الحاجز. ثم حلقة الحوض والتي تحتوي أيضًا على منطقة البطن بين عضلة الحجاب الحاجز والحوض. وثمة حركتان أساسيتان واحدة طاردة نحو السطح أي الجلد حيث تتمركز الطاقة فتتجلى (العدوانية) أو (الانشراح) و(الشعور باللذة)، وأخرى جاذبة إلى المركز وتتصف بالانكماش والألم والقلق وتتسم بالهروب من مواجهة الخوف وتضاؤل مستوى الطاقة على سطح الجسم، والعمل العلاجي يتناول العمل على تحرير التوتر من أجزاء الدرع العضلي حلقة فحلقة كما أشرنا آنفًا، بدءًا من الحلقة "الرؤيوية" وصولاً إلى الأخيرة "الحوض".

هذا من جهة، والعمل على الحركة الطاردة من المركز، ومن جهة أخرى الجاذبة لخلق توازن ديناميكي وإعادة الكائن الحي إلى مساره السوي.

تطور من هذا كله مفهوم صديقنا الدكتور العالِم الكبير ألكسندر لوون بما أشار فتمايزت خمسة أنماط أساسية نستطيع استنباطها سواء على المستوى النفسي أو حتى على المستوى العضلي... ومن الجدير بالذكر الإقرار بأنه ما من أحد هو عبارة عن نمط واحد فقط، وإنما يضم مستويات متنوعة في شخصيته. ولكن أحدها يبدو أكثر تمايزًا من الأخرى وعلى هذا النحو فما يتطابق مع ما ذكرناه بالنمط الرؤيوي الذي يختص بالمرحلة الرؤيوية السابقة للمرحلة الفموية يسميها الدكتور ألكسندر:

1. بنية الطبع الفصامي (المجزأ)

الحالة الحيوية الطاقية:

إن الطاقة مقموعة دون البنى المحيطية للجسم، ولنعلم أنها بعيدة عن الأعضاء التي تقيم اتصالاً مع العالم الخارجي: الوجه، واليدان، والأعضاء التناسلية، والقدمان.. ونلقى هذه الأعضاء منفصلة عن المركز إلى حد ما لأن استثارة المركز لا تنساب مباشرة لهذه الأطراف، وهذه الأعضاء، لكونها محتبسة من خلال توترات عضلية مزمنة متموضعة في قاعدة الرأس، والكتفين، وفي الحوض، وفي مفاصل الورك. وبالتالي، تصبح الوظائف التي تقوم بها هذه الأعضاء منفصلة عن المشاعر الموجودة في مركز الشخص. ولذلك أسميناه أيضًا بالطبع (المجزأ).

المتلازمات النفسية:

ليس لائقًا الانطباع عن الذات أمام غياب التواحد مع الجسم فلا يشعر الشخص أنه متصل ولا أنه متكامل جسميًا.

الميل إلى الانفصال عن المستوى الجسماني من خلال غياب الاتصال الجسماني بين الرأس وباقي الجسم، مما ينشئ حالة من انقسام في الشخصية على شكل مواقف متناقضة. فمن الممكن على هذا النحو أن نلقى سلوكًا متعجرفًا وفي الوقت نفسه يكون وضيعًا، أو مثل سلوك عذراء إلى جانب سلوك عاهرة في الوقت نفسه أيضًا. وتعكس هذه السلوكيات انشطارًا للجسم إلى قسمين أعلى وأسفل.

يتصف الطبع الفصامي (المجزأ) بالحساسية المفرطة بسبب هشاشة محدودة تحيط بالأنا، وهي تعويض نفسي عن غياب الحمولة الطاقية المحيطية.

يظهر الطبع الفصامي ميلاً شديدًا لتجنب العلاقات الحميمة والفردية. وفي الحقيقة، فمن الصعوبة بمكان أن تستقر هذه العلاقات بسبب نقصان البنى المحيطة للاتصال.

إن إرادة الحث على الأفعال تعطي سلوك الفصامي صبغة اصطناعية فتتناول على هذا النحو التصرف الذي نسميه "كما لو أن" مما يعني كما لو أنه قائم على مشاعر، لكن الأفعال في حد ذاتها لا تعبر عنها.

2. بنية الطبع الفموي (الطفولي)

الحالة الحيوية الطاقية:

البنية الفموية هي حالة من حمولة طاقية منخفضة. فالطاقة ليست منحصرة على المركز فقط كما هي الحال لدى الفصاميين، لكنها تنساب حتى محيط الجسد ولكن بشكل ضئيل.

إن نقصان الطاقة والقوة هي الأكثر ظهورًا في القسم الأسفل من الجسم، لأن نمو الجسم الطفولي يحصل نحو الاتجاه الرأسي.

المتلازمات النفسية:

لدى الفرد ذو الطبع الفموي صعوبات لكي يعتمد على نفسه فهو ينزع لأن يكون عالة أو مدعومًا من قبل أحدهم. ومع ذلك، فهذا ميل يمكن أن يخفي وراءه موقفه الاستقلالي المفرط. فأن يدعم نفسه، ينعكس في الوقت نفسه في عدم مقدرته على البقاء وحيدًا. وثمة رغبة مفرطة في أن يكون برفقة أشخاص آخرين لكي يتلقى دفء محبتهم ودعمهم. إن الفرد ذا الطبع الفموي خاضع لتناوبات المزاج بين الكآبة والنشوة بسبب مستوى طاقته المنخفض. والميل إلى الكآبة هو السمة المرضية المميزة للسمات الفموية في الشخصية.

ميزة نمطية أخرى للفموي هي الموقف الذي يتبناه بأن الأشياء تنتسب له أي أن الآخر مديون له بها. ويمكن إظهار ذلك من خلال الفكرة بأن على العالم أن يسنده. إنه مركب ينجم بشكل مباشر عن تجاربه الأولى من الحرمان.

3. بنية الطبع المعتل نفسياً (المنزاح)

الحالة الحيوية الطاقية:

ثمة نمطان، والأجساد تتوافق مع هاتين البنيتين للمعتلين نفسيًا. فالنمط المستبد هو الأكثر سهولة لشرحه، ذلك أن النمط الآخر هو الغاوي أي الذي يغوي الآخر لكي يقع في إساره وتحت هيمنته... إذن لن نخوض في هذا النمط الفرعي من بنية الطبع المعتل نفسيًا، وإنما سوف نخوض ما ذكرناه بالنمط المستبد، فالحصول على قدرة أكبر من شخص آخر يحدث عندما يكون واحد في مستوى أعلى من الآخر. ففي هذا النمط ثمة انزياح واضح للطاقة نحو الطرف الرأسي للجسم.

بشكل عام ثمة تقلص واضح جدًا حول الحجاب الحاجز والخصر، الأمر الذي يوقِف نزول تيار الطاقة والمشاعر.

المتلازمات النفسية:

يحتاج الفرد ذو الشخصية "المعتل نفسيًا" لأحد ما كي يسيطر عليه، وبالتالي فثمة حد ما من الطبع الفموي في كل الأفراد "المعتلين نفسيًا".

وإذا ما نظرنا لحاجة هذا النمط للسيطرة عن كثب لرأيناها مرتبطة بخوفه من أن يُسيطَر عليه الأمر الذي يعني استخدامه.

الجنسانية موظفة بشكل ثابت في هذه اللعبة لبلوغ القدرة. فالمعتل نفسيًا غاو مع مظاهره في التحكم بالآخرين.

إنكار المشاعر بشكل أساسي هو إنكار للحاجات. فاستراتيجية المعتل نفسيًا يكمن في جعل الآخرين باحتياج دائم له، ولكي لا يحتاج التعبير عن هذه الحاجة فإنه يبقى دائمًا على هذا النحو فوق الآخرين.

4. بنية الطبع المازوخي

الحالة الحيوية الطاقية:

على خلاف بنية الطبع الفموي. فالمازوخي موهوب بمستوى عال من الطاقة التي تظل مع ذلك محتبسة بشكل قوي في الجسم، ولكن ليس بشكل مركَّز.

إن الأعضاء المحيطية هي أقل تحميلاً بالطاقة بسبب الكبت الداخلي الشديد، الأمر الذي بقدر ما يمنع من تفريغ الطاقة فكذلك أيضًا ينطبق الأمر على الإطلاق الطاقي، أي أن الأفعال التعبيرية تكون محدودة.

الكبت الداخلي من الشدة بمكان أنه يؤدي إلى انضغاط وانحلال قوى الجسم. يظهر الانحلال في الخصر، في حين يرزح الجسم تحت ثقل توتراته.

تتعرض الدوافع التي تتحرك نحو الأعلى، ونحو الأسفل للاختناق في الرقبة، وفي الخصر مما يؤدي إلى ميل قوي للتعبير عن القلق عند هذه الشخصية.

إن امتداد الجسم بمعنى الاتساع أو السعي لشيء خارج ذاته محدود على نحو كبير. كما أن الإقلال من الامتداد يؤدي إلى قصر في البنية الموصوفة أعلاه.

المتلازمات النفسية:

بسبب كون الكبت شديد، فالعدائية، وإثبات الذات يصبحان ضئيلين جدًا. وعلى عكس إثبات الذات، فالشخص المازوخي يُظهِر مشاعر ظلم وشكاوى. وهذا هو التعبير الشفهي الوحيد الذي يتمكن من الخروج بسهولة من حنجرة تكاد تكون مخنوقة. ويحل مكان العدائية السلوك الاستفزازي ذو هدف هو استجابة قوية بالشكل الكافي من قِبَل الشخص الآخر لكي يمتلك المازوخي فوق كل شيء الشروط للتحرك بعنف وانفجاري حتى في الحالات الجنسانية.

إن ركود الحمولة الطاقية الذي يسببه العنف المكبوت يؤدي إلى تكون الشعور بأنه "عالق بالوحل" وذلك باعتبار المازوخي عاجز عن التحرك بحرية.

إن موقف الإذعان والتودد هما سمتان مميزتان للسلوك المازوخي. وثمة على مستوى الوعي تمثل محاولته في أن يكون مُرْضيًا أمام الآخرين، ولكن هذه الحالة على مستوى اللاوعي مرفوضة بسخط، وذلك بسبب السلبية والعدائية. وعلى هذه المشاعر المكبوتة أن تُطلَق من جانب المازوخي قبل أن يتمكن من الحصول على استجابة مرحة أمام مواقف الحياة المتنوعة.

5. بنية الطبع الصلب

الحالة الحيوية الطاقية:

ثمة حمولة طاقية قوية على نحو يؤخذ بعين الاعتبار عند هذه البنية من الطبع وفي كل النقاط المحيطية للاتصال مع الوسط المحيط. فإن هذا يسهل اختبار الحقيقة قبل أن يتصرف.

كبته محيطي، ولكونه على هذا النحو، فبإمكان مشاعره الانسياب، ولكن ظهورها محدود.

المتلازمات النفسية:

إن أفراد بنية هذا الطبع هم بشكل عام دنيويون، وجشعون، وتنافسيون، وعدوانيون. أما الانفعالية فيتم اختبارها على أنها جانب ضعيف من شخصيتهم.

هكذا بمقدور شخص كهذا أن يكون عنيدًا، ولكن من الصعوبة بمكان إغضابه، ويأتي هذا العناد من غروره إلى حد ما، فلديه خوف من الإذعان لئلا يبدو بمظهر الغبي، ولذلك يظل متكتمًا. ومن جانب آخر، لديه خوف من أن يتسبب الخضوع لفقدانه لحريته.

إن الفرد ذا الطبع الصلب يواجه بشكل عام وسطه المحيط بشكل ناجح جدًا.

للختام

يقول ألكسندر لوون في كتابه المنهج الحيوي الطاقي:

يكمن عيب تقنية التحليل النفسي تجاهلها للجسد، وذلك في محاولة هذه التقنية مساعدة المريض في التغلب على صراعاته الانفعالية. فإذا لم تقدم الأفكار التي تبرز خلال مدة العلاج أيَّ تجربة هامة للجسد، فستكون هذه الأفكار عاجزة عن إحداث تغييرات أكبر في الشخصية. كنت أرى غالبًا مرضى بعد سنين طويلة من العلاج بالتحليل النفسي، وقد توصلوا إلى معلومات كثيرة، ولكن إدراكهم ضئيل لحالتهم، وظلت مشاكلهم على حالها، ولم يجدوا حلاً لها. فالمعرفة تصير إدراكًا عندما تكون مصحوبة بالإحساس، وفقط إدراك عميق مصحوب بإحساس قوي يكون قادرًا على تغيير مستويات مكوِّنَة للسلوك.

من هذا المنطلق كان لابد في هذا المنهج من لجوء المعالج للتدليك أحيانًا لإطلاق التوترات من العضلات ذات التوتر المزمن. وكان لابد للجوئه لتقنية التنفس البطني العميق وتقنية الصراخ واللجوء للبكاء العميق وتفريغ الغضب من خلال ركل الأريكة في عيادة الطبيب، أو توجيهه ضربات للوسادة، أو حتى من خلال شده بين فكيه على قطعة قماش... الخ، وطور ألكسندر لوون تمارينًا عظيمة أغنت تقنية رايش العلاجية فأضحت مدرسة في حد ذاتها مؤسسها ألكسندر لوون التلميذ الروحي لرايش وأسمى ألكسندر لوون مدرسته بـ"المنهج الحيوي الطاقي" حيث يعلم المرضى أو التواقين تمارينًا حيوية كالقوس، وتمرين الاتصال بالأرض، وانعكاس هزة الجماع، وتمرين السقوط الذي لم نتطرق له، ويقف فيه المريض على قدم واحدة فوق فراش يستطيع امتصاص صدمة السقوط. فتمرين السقوط يعني الاستسلام للجسد على خلاف شعور الأنا بالهزيمة عند السقوط. فالعصابيون يخشون السقوط لأنهم بتركيزهم على الأنا تشكل الهزيمة بالنسبة لهم حالة السقوط نفسها التي لا يمكن تفاديها وهي إحدى أسرار الطبيعة، والجسد. ففي عملية السقوط ليس هناك استمرارية للمحاولة في السيطرة على الجسد وعلى الظرف المحيط وعلى الحدث وعلى حاجات الجسد... الخ، عوضًا عن ترك نفسه تنساب وسط تيار الحياة وتتخلى طوعًا عن الإرادة لتصبح مشيئة الكون التي تتوافق آنئذ مع حكمة الجسد في توجيهه نحو محيط الحياة اللامتناهي.

إذن باختصار، لابد من إشراك الجسد في العمل العلاجي إذا ما شئنا بلوغ شفاء حقيقي.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، الرسوخ في الجسد يعني التحرر من إسار العقل للوعي، والإحساس والشخص في حد ذاته. وبالتالي فالدخول إلى الجسد يعني اتحاد الوعي بالانفعال كما هو من دون محاكمة أو شجب. وبالتالي فالدخول إلى الجسد يتم من خلال الاتحاد بالانفعال أن يصير المرء هو الانفعال نفسه إذاك لا يكون ثمة سوى الانفعال والجسد هنا ليس أكثر من نابض بالحيوية أي حيوية الاهتزاز. الجسد هنا ما هو المرء عليه.

وفي أي حال من الأحوال الانفعال يصبح سامًا عندما يجري شجبه، وبالتالي كبته فيملأ الجسد بسمومه، ولا يجري التحرر منه إلا من خلال الوعي، ويصبح الانفعال إيجابيًا حاملاً للنعمة إلى كينونة الإنسان. وبعبارة أخرى، فالانفعالات السامة يمكن أن تصبح ترياقًا للجسد إذا ما تم التعبير عنها أولاً والعمل على تحويلها ثانيًا. إذن، يتحول الغضب إلى حنان، والاكتئاب إلى ولادة جديدة في فرح الوجود، واليأس إلى أمل، والضياع إلى إيمان حقيقي كلها قائمة على سياقات بيولوجية للجسد نفسه.

للتلخيص

الهدف من تمرين "الاتصال بالأرض" هو الإحساس بحيوية القدمين والسماح لموجة الاهتزاز الطاقية بالعبور من خلالهما مع استخدام الصوت والتنفس البطني العميق وتحريكهما وفقًا للإيقاع النبضي للاهتزاز. فالنبض يبعث بالاهتزاز، وتظهر من خلال هذا الأخير الطاقة الشفائية للنفس والجسد.

اختبار وتعليق

يذكر ألكسندر لوون مؤسس المنهج أنه حين كان في منزله على الشاطئ، أخذ يتنزه على الشاطئ ذات يوم حين أتت موجة من الطاقة منبعثة من الأرض انسابت عبره على نحو أحس في أنه أصبح بوعيه (في جسمه) على ارتفاع عن الأرض بمقدار خمسة سنتيمترات، وأن الموجة عبرت شعر رأسه كله. وبالنسبة له فالشعور بالطاقة تنساب عبر الجسم هو ما نسميه بالتحقيق (تحقيق الذات العميقة).

في رقصة الدراويش (المولوية) نراهم يدورون بحركة دورانية من دون توقف تبدأ الحركة من القدمين وتشمل الجسم كله من الأسفل وإلى الأعلى. فالهدف الذي يجري تحقيقه في كل هذه الأشكال هو تحرك الطاقة من القدمين إلى أعلى، وهي تجتاز الجسد وتكمل الدورة عائدة إلى الأرض.

فائض الطاقة المتراكمة يؤدي للانحطاط على نحو شبيه بما يجري للمحيط عندما يترك نفاياته على الشاطئ عند حركة الجزر. وأما الاهتزاز فهو أشبه ما يكون بحركة المد الذي يأخذ معه كل النفايات حتى تراب الشاطئ بارتفاع المياه وامتدادها، وهكذا فالاهتزازات القوية توقظ السياق الطبيعي لشفاء الجسد والنفس.

اختبار وتعليق

يقول ألكسندر لوون:

هدفي هو جعل الاهتزازات تبدأ في القدمين، ومن صعودها عبر الجسد. فإذا ما ازدادت الحمولة في القدمين والساقين فإنهما تأخذان بالارتعاش بقوة. وهكذا يبدأ سياق الشفاء الذي تعمل على تهيئته الاهتزازات نفسها.

التنفس البطني الكامل يفعل مثل موجة تعبر الجسم صعودًا مع الشهيق، وهبوطًا مع الزفير، توترًا مع الشهيق، واسترخاء مع الزفير.

الرعشة أي هزة الجماع هي الخبرة الأكثر عمقًا والأكثر جسمانية لوحدة الإنسان مع جسمه والطبيعة والكون. الرعشة أي هزة الجماع هي المدخل البيولوجي لفهم الإحساس بالوجد الصوفي والذوبان في الكون والألوهة... الألوهة هي تلك الذروة التي يغيب فيها الصوفي في حالة من الوجد التي يعبِّر عنها الجسد المتواضع من خلال خبرة هزة الجماع... وهذه الهزة لا يمكن اختبارها من خلال لذة موضعية أو إثارة لحظية، وإنما في المنهج الحيوي الطاقي هو مغامرة اكتشاف الذات. وهذا الأمر يختلف عن تقصيات مشابهة حول طبيعة (الذات)، عند محاولة فهم الشخصية الإنسانية من وجهة نظر الجسد الإنساني. فمعظم الاستكشافات السابقة كانت تبئيرًا للعقل. فمعلومات قيِّمَة كثيرة تم الحصول عليها من خلال استقصاءات وأبحاث العقل، ولكنها في معظمها كانت تنسى أو تتحاشى أو تدع جانبًا الأرضية الأكثر أهمية من الشخصية: ألا وهو قاعدتها التي تقوم على أساس العمليات الجسمانية. لن يكلفنا الأمر الكثير الإقرار بأن ما يحدث في الجسد يؤثر بالضرورة على العقل، وهذا ليس بالشيء الجديد. ولكن الموقف الذي يتخذه المنهج الحيوي الطاقي هو أن العمليات الطاقية للجسد تحدد ما يحصل في العقل بالطريقة نفسها التي يحدد فيها ما يحصل في الجسد.

في عام 1975 أصبح المنهج الحيوي الطاقي معروفًا نسبيًا، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو خارجها خصوصًا في أوروبا، على الرغم أن مؤسس هذه المدرسة العلاجية العالم الكبير ألكسندر لوون - وهذه المدرسة تحمل علم النفس الرايشي في طياتها مع تطوير لأسسه ضمن منحى علاجي - لم يقم بتأسيس منهجه بهدف الربح المالي، وإنما كدمج علم النفس ونظرته الفلسفية للموجود الإنساني، واستنباط مبادئ علاجية فعالة لاستعادة الكائن الإنساني لطبيعته وحريته الحقيقيتين، وبالتالي إيجاد إجابات لصراعاته الأساسية.

لدينا في عمل ألكسندر لوون كتابه الذي نعتمده في دراستنا هذه أي كتاب المنهج الحيوي الطاقي[1]. ولدينا في هذا الكتاب محاولة في تنظيم يقوم منحاه على فهم العمليات الطاقية على قاعدة قوامها السلوك الإنساني، وبالتالي سوف نجد هنا أيضًا كما في التاسوعية سابقًا: خمسة أنماط سلوك أساسية تختلف الواحدة عن الأخرى بعملياتها الطاقية التي سوف نعمل على شرحها واحدة فواحدة في نهاية البحث تقريبًا.

ونرى الكتاب يتطرق أيضًا إلى المنحى الوظيفي الأمر الذي جعلني أستخدم غالبًا المنهج الحيوي الطاقي الوظيفي، الأمر الذي يشير إليه مثلاً: معنى تموضع الغدتين الكظريتين فوق الكليتين، فلا معنى لمكان تموضعهما إذا لم ندرك أن موضعهما هو النقطة الأكثر أهمية في الجسم كمركز مضاد للشعور بالضغط والكرب estresse فتقوم بإفراز هرموناتها كاستجابة لحالة الشعور بالضغط والكرب. أساسًا هذا الشعور هو مظهر للشعور بالجاذبية بشكل خاص بالنسبة للكائنات الإنسانية الذين يتوجب عليهم مقاومة قوة الجاذبية عندما يقفون على أقدامهم. ومن الطبيعي أن هذا الأمر لا يمثل مشكلة بالنسبة للشخص الناضج، ولكن الشعور بالضغط وبالكرب قد يزداد بشكل كبير إذا ما حمل الشخص حملاً أو عبئًا هائلاً. وبالتالي يتم الشعور بهذا الـ estresse في المنطقة القطنية من الظهر حيث تكمن منطقة الغدتين الكظريتين اللتين تتفاعلان مع الحدث فتفرزان هرمون الأدرينالين الذي يعبئ الجسم باحتياطي قوى الجسد لمواجهة الوضع الباعث على الشعور بالضغط والكرب. وثمة مثال آخر ألا وهو تموضع الغدة الدرقية فوق الرغامى (قصبة الرئة) مباشرة تحت الغضروف الدرقي. وبنفس الطريقة التي رأينا فيها تموضع الغدتين الكظريتين للتفاعل عند حدوث الشعور بالضغط، فالغدة الدرقية متموضعة لكونها حساسة لعملية التنفس. وهذا يوحي لنا بأن إفراز هرمون التيروكسين tiroxina الذي يضبط النشاط الاستقلابي للجسم، فهو مرتبط بشكل مباشر بكمية الهواء الذي نتنفسه.

يعرف الطب هذه العلاقة المتبادلة منذ وقت طويل، وقد استخدم النشاط التنفسي لقياس مدى إنتاج هرمون التيروكسين.

إن نوعية التنظيم العضوي الحي للجسم لا يعمل كماكنة صلبة، وإنما يتفاعل مع الوسط المحيط بطريقة حساسة. فالأحاسيس هي حركات أو تيارات داخلية لاستثارة أو طاقة ناجمة عن مركز العضوية باتجاه السطح كاستجابة لمؤثرات العالم. وهذا التيار من الاستثارة يتبع مسارات معينة وفقًا لطبيعة المؤثرات. وعندما يبلغ التيار سطح الجسم نعي إحساسًا ونعطي اسمًا لهذا الإحساس. فمثلاً ذات مرة اختبر مؤسس المنهج نفسه أي ألكسندر لوون أثناء عمله على الجسد فأحس بموجة من الاستثارة تصعد من منتصف ظهره حتى الرقبة فأدرك أن شعر أعلى الظهر والجمجمة قد انتصب بفعل الموجة التي مرت من خلال أعلى الرأس ثم نزلت حتى أنياب الفم. فأحس بصوت دمدمة (هرير) يتضخم في داخله. ثم يصف الأمر أنه كان أشبه بموجة غضب حيواني عميقة، مثل كلب عندما يصرف على أسنانه ويستعد للهجوم. ويصف أيضًا كيف وعى هذا التيار من الغضب، وبوسعه تذكره دائمًا. إنني أذكر هذه الخبرة للإشارة فقط إلى ارتباط الطاقة الحيوية بوظائف الجسد والعقل والنفس والروح في كتلة جسمانية واحدة. فإن تيار الاستثارة عبر النسيج الجسماني ممكن لأن هذه الأنسجة هي على قدر كبير من السيولة بمعنى آخر مكونة من ماء مع مركبات عضوية واستقلابية فضلاً عن الأيونات المنحلة فيها.

الحساسية، والأحاسيس والحركات العفوية ليست أكثر من صفات جوهرية للنسيج الحي أي الحياة. ففي حالة الصحة تحدث هذه الوظائف بشكل حر، وتعطي للعضوية الحية الإحساس بالوجود والغاية من وجودها. فالمعنى الأساسي أو الجوهري هو ببساطة "أن تكون" الذي يمكن ترجمته على أنه "الشعور الجيد" أي "الهناء" في حالة التنظيمات العضوية الواعية. إن أي تشويش على التيار الطبيعي للاستثارة في جسم، يضعف الإحساس بـ"الشعور الجيد" (الحضور الحسن، أو الشعور بالهناء). وبالتالي، فالهدف من العلاج يكمن في استعادة تيار الاستثارة المُحَرَّر. كل الانحصارات (توقفات سيلان الطاقة) بالنسبة للعلاج ليست سوى حالات من انكماش في الأنسجة خصوصًا في الجهاز العضلي. فالشعور باللذة، و"الحضور الحسن" (الشعور الجيد) إنما هي إدراكات واعية لمسار حر للاستثارة. والألم، والقلق مرتبطان بانحباس لهذا التيار. فالانحباسات (توقفات سيلان الطاقة) تتسبب بها توترات عضلية مزمنة في العضلات الكبيرة المُثلَّمَة التي تكسو الجسد، وفي العضلات الملساء التي تشكل أنابيبًا متنوعة لداخل الجسم، ومن بينها الأوعية الدموية، ومجاري الهواء، والأمعاء، والرحم. إنه ليس بالعمل السهل أن نفك انحصارات الطاقة ونعمل على استعادة حرية سيلان تيار الاستثارة في الجسم ككل!

إن كل عضلة متوترة هي عضلة خائفة. الخوف يعادل الانكماش، ويجب أن يتم فهمه والإحساس به وإطلاقه. حالة الانكماش أيضًا هي ظرف محزن جدًا. ولكي يتم التحرر من الانكماش يجب أن يتم التعبير عن الشعور بالحزن. وثمة أيضًا الشعور بالغضب المكبوت في حالة الانكماش، ويجب الشعور به، وقبوله وتفريغه. أخيرًا وليس آخرًا، يصف المنهج الحيوي الطاقي كيف يمكن فعل ذلك.

مفهوم الطاقة الحيوية (الاهتزاز)

يقول ألكسندر لوون في كتابه المنهج الحيوي الطاقي:

إن الطاقة متضمَّنَة في حركة الأشياء كلها سواء الحية منها أو غير الحية. ونعتبر هذه الطاقة في التفكير العلمي السائد أنها ذات طبيعة كهربية. إلا أن رايش أكد أن هذه الطاقة تستخدمها الكائنات العضوية الحية، وهي طاقة كونية أسماها بـ"الأورغون" وهو اسم مشتق من كلمة عضوية باللاتينية Organismo لا تملك طبيعة كهربية، وهي طاقة الحياة باختصار.

ولذلك نسميها بالطاقة الحيوية، ويتم الإحساس بها على نحو اهتزاز داخلي. وبالتالي فالطاقة موجودة في كل سياقات الحياة سواء في الحركات أو في المشاعر أو حتى في الأفكار...

لعل عملية التركيب الضوئي التي تقوم بها النباتات هي القدرة التي تتمتع بها هذه الأخيرة في استخدام طاقة الشمس ودمجها فيها وتحويلها إلى أنسجة عشبية. أما الكائنات العضوية أو الحيوانات فتستهلك الطاقة الناجمة عن عملية تمثل الغذاء فيها مستخدمة في النهاية طاقة الأوكسجين في عملية احتراق الطعام، وإلى ما هنالك من عمليات عضوية داخلية.

بما أن الحمولة والتفريغ يعملان كوحدة، فإن المنهج الحيوي الطاقي الوظيفي يعمل مع كلا جانبي المعادلة على نحو تزامني... فثمة مفهوم آخر يرافق الحمولة والتفريغ هو مفهوم السيلان الذي يشير إلى حركة داخل الكائن الحي، وأفضل تعبير عنه هو الجريان الدموي...

وعندما نأخذ بعين الاعتبار أن 99% من الجسم مكون من الماء، حيث يتكون قسمه الأعظم من أغلبية سائلة، فبإمكاننا أن نتخيل أحاسيسًا ومشاعر وانفعالات كما لو أنها تيارات أو أمواج لهذا الجسم السائل... فتحركات الكائن الحي هي أشبه ما تكون بأمواج بحيرة، مصدرها قوى داخلية....

بناء عليه، فالجسم عبارة عن نظام طاقي في تفاعل طاقي مستمر مع وسطه المحيط...

لقد ذكرنا آنفًا أن الإحساس بالطاقة كالإحساس بالنبض (الاهتزاز)، فهو يشير إلى ارتفاع في الحمولة الطاقية، ويتم الشعور بها في الشفتين اللتين تأخذان بالارتجاف وفي عضلات الساقين اللتين تسترخيان وتصبحان أكثر طاقية، وتأخذان بالاهتزاز الداخلي..

إن الاهتزاز هو تجل للحياة، فالجسد الحي ينبض، والاهتزاز مظهَر لخاصية النبض التي يتمتع بها النسيج الحي. وإذا لم يكن الشخص يخشى أن يفقد الضبط لنفسه، فالاهتزاز يصبح مرحبًا به كتحرر من الخاصية الصلبة لطبيعة العصاب!

لا يخشى الشخص السوي أحاسيسه خاصته، فخشية الأحاسيس هي علامة الشخصية العصابية. فنحن ما نشعر به.

يتعلق العلاج باستعادة الفعل الاهتزازي للعضلات الأمر الذي يقتضي ازديادًا للطاقة في الجسد خصوصًا في العضلات. وازدياد الطاقة في الجسم يتطلب أن يكون التنفس أكثر عمقًا.

اعتاد رايش على القول حول التنفس: "لا تفعل شيئًا"، فالجسد يعرف كيف يتنفس. وما علينا إلا الاستسلام إليه، وإذا لم نثق بالجسد فلن نثق لا بأنفسنا ولا بالطبيعة ولا بالله.

أحد الأمثلة لتجلي الصحة الانفعالية واختبار النشوة هو ما سوف يكون موضوع فقرتنا القادمة. وهو عبارة عن حركة اختلاجية لا إرادية ذات نمط خاص من الاهتزاز هو ما يسميه رايش بانعكاس هزة الجماع وهو ذو طابع شعور باللذة لأنه يضاعف من حركات الجسم في ذروة الفعل الجنسي من دون أن يكون هناك أي حمولة جنسية في الأعضاء التناسلية.

إذن نعود لموضوع فقرتنا "مفهوم الطاقة (الاهتزاز)". إن معظم الأشخاص لا يحسون بأقدامهم، وآخرون لا يحسون حتى بسيقانهم، وتنفسهم سطحي، الأمر الذي يسبب مستوى منخفضًا من الطاقة في الجسم وفقدانًا بالتالي للفعل الاهتزازي. ينجم عن هذا، حتى بالرغم من غياب إحساسهم بالكآبة، أن يفعل هؤلاء الأشخاص على مستوى انفعالي مكتئب، وبالتالي يعيشون ثابتين في الوظيفة الواعية وفي تمرين الإرادة وليس وفقًا لأحاسيسهم.

نعثر في كل مشكلة عصابية على جذور في الحالة الجسمانية من الإنهاك الاهتزازي أو المنع. امتناع عن الاهتزاز، امتناع عن الأداء، امتناع عن الوظيفة... الخ... وبما أن التوتر العضلي المزمن مسؤول عن الجسم المكتئب أو المحمل بشرط من نشاط في أعلى مستوياته! فالنشاط الاهتزازي للجسم هو قاعدة الحياة الحساسة. وبالتالي فالتحدي الذي يقوم عليه العلاج يكمن في إرجاع الجسم لحالته الاهتزازية، حالته الوظيفية، حالة حيويته الطبيعية، محررًا إياه من توتراته العضلية المزمنة التي تعيق تيار الاستثارة عبر الجسم. وعندما يحصل ذلك فهذا التيار يعبر الجسم مثل نهر يفيض عبر ضفتيه يزبد على الصخور في كثافات هائلة، يتراكض عبر مجراه في سرعة هائلة.

يتوجه العمل العلاجي إلى دفع المريض نحو الشعور بالصدمة، فهذه الصدمة تزعزع مؤقتًا البنية العصابية، وتسبب في حالات كثيرة اهتزازات وارتجافات. وهذا الأثر يمكن أن يصبح محوِّلاً ولكنه عموماً يفتح الباب جزئيًا.

البكاء العميق أيضًا في السياق العلاجي يؤدي إلى شعور بالاهتزاز يعبر الأنبوب الداخلي للجسم وللحبال الصوتية. وأخيرًا فالبكاء العميق يجعل القلب ينفتح على العالم...

انعكاس هزة الجماع

يشير الدكتور فريديريك بيرلز مؤسس العلاج الغشتالتي إلى أن بنية العصاب تتشكل من خمس طبقات. يسمي الأولى بـ"الكليشة" وهي (تكرار لنفس الحركات ونفس الكلام في اللقاءات والمناسبات... الخ). تأتي الطبقة الثانية وراء هذه وهي ما يسميها بـ"تأدية الدور" فهنا يكون الشخص كالممثل فهو مجرد مؤد لدور ما لا أكثر، كأن يكون طيبًا فهذا لا يعني بالضرورة أنه طيب وإنما يؤدي دور الطيب. وبعبارة أخرى يتصرف المرء في هذه الطبقة "كما لو أنه ذلك" ولكنه ليس ذلك!... فمن هو؟ إنه ذلك العصابي الذي ما زال يختبئ خلف طبقاته هذه... إذن فلنبحث عنه لكي نخلصه من معاناته، إننا الآن نقع في الطبقة الثالثة ويسميها بيرلز "المأزق"، وهنا يشعر المرء بأنه مسجون ضمن أمر ما، لا يستطيع الخلاص منه، ويشعر أنه ضائع تمامًا. وتتسم هذه الطبقة بسمة "الفوبيا" أو "الخوف" فهنا يتجنب الإنسان أمرًا ما على نحو دائم. وهنا يتلاعب الشخص مع العالم عوضًا عن معاناة ألم النمو. ففي هذه الطبقة يتحاشى المرء تمامًا مواجهة ألم المأزق. فخلف هذه الطبقة توجد الطبقة الرابعة والتي يسميها بيرلز بـ"الموت"، فهنا تظهر الطبقة على أنها موت أو خوف من الموت. وحالما ندخل باتصال مع هذه الطبقة ينبجس أمر ما. هذا الانبجاس يصبح انفجارًا. فطبقة الموت تعود إليها الحياة. وهذا الانفجار هو الصلة مع الشخص الحقيقي القادر على الاختبار والتعبير عن انفعالاته. وهناك أربعة أنماط أساسية لانفجارات طبقة الموت. فهناك الانفجار حزنًا عفويًا إذا ما كنا نشتغل على فقدان ما، أو موت لم يتم تمثله جيدًا. ونحن من دون شك نتذكر في سياق العلاج الحيوي الطاقي أهمية الوصول إلى "البكاء العميق". أما النمط الثاني من الانفجار فهو الانفجار في شعور بهزة جماع بالنسبة لأشخاص منحصرين جنسيًا (طاقتهم الجنسية محصورة أو متوقفة عند الأعضاء التناسلية فقط) وهذا هو موضوع فقرتنا، أي انعكاس هزة الجماع، وهو أمر علق رايش عليه أهمية كبيرة في بلوغ الشفاء الداخلي. أما النمط الأخير فهو الانفجار فرحًا وضحكًا. فالضحك أيضًا شأنه شأن البكاء العميق عامل شفائي بامتياز، يقود إلى الاتصال بالشخص الحقيقي أو النواة العميقة للكائن الإنساني.

إذن، نعود إلى النمط الثاني من الانفجار الذي أشار إليه بيرلز والذي جعل رايش منه الهدف العلاجي الشفائي الأخير. ألا وهو الوصول إلى ما أسماه رايش بـ"الانعكاس لهزة الجماع". يقول ألكسندر:

يكمن هدف العلاج بالنسبة لرايش في تطوير قدرة المريض على الاستسلام كليًا إلى الحركات العفوية واللاإرادية للجسم، والذي يؤدي بالنتيجة إلى استسلام لتنفس أكثر امتلاء وعمقًا على قدر الإمكان. وإذا ما تم ذلك فبوسع الأمواج التنفسية أن تولد تموجًا يدعوه رايش بالانعكاس لهزة الجماع.

آلية "انعكاس هزة الجماع"

هنا لا توجد حمولة، وبالتالي لا يوجد تفريغ، ولذلك أسماها رايش بـ"انعكاس هزة الجماع". وبما أن رايش كان يُعَرِّف هزة الجماع على أنها مختلفة عن القذف أو الذروة. فهي تمثل بالنسبة إليه ردة فعل لا إرادية للجسم ككل، تظهر ردة الفعل هذه في حركات إيقاعية واختلاجية.

وبالتالي عمل رايش على استنساخ هذه الهزة الحقيقية في تمرين أسماه "الانعكاس لهزة الجماع" عندما يكون التنفس حرًا بشكل كامل، والمرء في استسلام لكامل لجسمه... إذن، كما أشرنا أنه لا توجد في هذه الحالة ذروة أو تفريغ لأنه لا يوجد أصلاً تراكم للإثارة. وما يقوم به المريض إنما هو تحريك حوضه بعفوية إلى الأمام مع كل زفير، وإلى الوراء مع كل شهيق. وتنجم هذه الحركات بسبب الموجة التنفسية وفقًا لدورانها نحو الأعلى ونحو الأسفل متحركة من خلال الشهيق والزفير. وفي الوقت نفسه يقوم الرأس بحركات مشابهة للحوض مع الاختلاف بأن الرأس يتحرك نحو الخلف في فترة الزفير، وإلى الأمام في فترة الشهيق. ونظريًا فإن على المريض أن يتمتع بجسم حر بما فيه الكفاية لكي يستطيع الحصول على مثل هذا النوع من الانعكاس لهزة الجماع خلال جلسة العلاج، وبالتالي يكون قادراً للوصول إلى ما أسماه بيرلز "الانفجار" من خلال هزة جماع كلية في الفعل الجنسي. وبالتالي يجب اعتبار مريض كهذا سويًا على نحو انفعالي...

ثمة أمر يجب أن يظل واضحًا: إن الانعكاس لهزة الجماع ليس عبارة عن هزة جماع. فالانعكاس لهزة الجماع يحدث في مستوى منخفض من الاستثارة وهو حركة صغيرة الانتشار. ويتم اختباره كإحساس باللذة مع حرية داخلية تشير إلى ضآلة التوتر في الجسم.

تمرين التقوس

طوره ألكسندر لوون في "المنهج الحيوي الطاقي" كعامل مساعد لاستسلام أكبر للساقين والقدمين، ولإحساس أكثر رسوخًا بالاستناد على الأرض. ويُدعَى هذا التمرين بالقوس أو التقوس، ويُعتبَر وضعية أساسية للتوتر.

يشير الخط الموضوع فوق الرسم إلى القوس، أو التقوس الصحيح للجسم. والنقطة الوسطى للكتفين متموضعة مباشرة فوق النقطة الوسطى للقدمين، والخط الذي يوحد هذه النقاط هو قوس يكاد يكون كاملاً ويمر من خلال النقطة المركزية للمفصل الوركي.

عندما يكون الجسم في هذه الوضعية، تكون أجزاؤه في توازن كامل. ويكون التقوس (القوس) مشكلاً ومهيأ للحركة على نحو ديناميكي. ويكون الجسد على نحو طاقي محملاً من الرأس إلى القدمين. وهذا يعني أنه توجد سيالة من الاستثارة عبر الجسم. ويمكن الشعور بالقدمين على الأرض والرأس في الهواء، وفي الوقت نفسه ثمة إدراك لتكامل واتصال كليين... ويكون هذا التمرين عبارة عن وضعية توتر فإنه محمل على نحو طاقي، وتبدأ الساقان بالاهتزاز.

نستخدم هذه الوضعية لكي نجعل الأشخاص يشعرون بأنهم متكاملون ومتصلون، وأقدامهم مغروسة بثبات ورؤوسهم مرفوعة. لكننا نستخدمها أيضًا على نحو تشخيصي لكونها تفضح غياب تكامل الجسد مشيرة بدقة إلى مكان وطبيعة التوترات العضلية الرئيسية، وقد تم العثور بالتزامن مع اكتشاف وتطوير هذا التمرين على تمرين مشابه له يمارسونه في الصين ويُدعَى بـ"التقوس الطاوي" يسعى الممارس له أن يحصل على انسجام مع الكون من خلال توافق حركات الجسم مع تقنية التنفس.

الاتصال بالأرض Grounding

يمكننا القول حرفيًا إن تحليل المنهج الحيوي الطاقي قد تطور من الأرض إلى الأعلى، ولذلك علَّق ألكسندر لوون أهمية كبيرة على كيفية وقوف المرضى على أقدامهم إلى أي مستوى وصلت حساسية أقدامهم، وأي إشارات حيوية تظهرها. فدرجة الحيوية كانت تشكل مقياس الطاقة في أقدامهم.

آلية الاتصال بالأرض تقوم أولاً على الوقوف على القدمين مُبتعدَتَين، والركبتان مطويتان قليلاً والجسم مائل إلى الوراء، فهذه الوضعية تعطي شعورًا قويًا بامتلاك قدمين على الأرض. والبقاء في هذه الوضعية عدة دقائق وبعدها الانحناء إلى الأمام وملامسة الأرض من خلال رؤوس أصابع اليدين والركبتان مطويتان قليلاً والقدمان متوازيتان على مسافة ثلاثين سنتيمترًا تقريبًا، والمحافظة على هذه الوضعية لعدة دقائق يحرر اهتزازًا لا إراديًا في الساقين...

بما أن النشاط الاهتزازي للجسم الإنساني هو حركة عفوية يكون فيها الإنسان قادرًا على الإحساس بها، ويشكل هذا الإحساس قاعدة وعينا الذاتي، كما أن غيابًا كاملاً للأحاسيس يشير إلى جسم ميت داخليًا. وللسبب نفسه، فالقدمان الميتتان طاقيًا لا تملكان إحساسًا ولا تمنحان للشخص الإحساس بأنه متصل مع الوسط المحيط. أن يكون المرء على اتصال بالأرض يعني أن يكون على اتصال حسي معه. فالأرض حرفيًا هي المصدر ودعامة وجودنا، ولذلك نسمي الكوكب أمنا الأرض.

إن نوعية الوقفة على القدمين تعكس الشعور بالأمان وبالتالي، الدعم الذي تم تلقيه في السنوات الأولى من الطفولة. وتجارب متلاحقة تؤثر فيما بعد على نوعية الوقفة وكيفية البقاء على القدمين.

الشخص الذي لا يختبر ذلك الصنف من التجذر في سني حياته الأولى سيكون لديه الإحساس نفسه تجاه الحياة الخارجية. "هذه جذوري" يمكن ترجمتها أيضًا على نحو "هذا ما أنا عليه".

لدى أشخاص كثيرون يجري تعويض الضعف في السيقان بنمو زائد للأنا.

ذكاء الشخص متعلق بشكل مباشرة بدرجة ونوعية تجذره في الواقع أو في مستواه من الاتصال بالأرض Grounding.

يفكر الشخص المتجذر بجسمه كله، ومشاعره، وأحاسيسه تشارك بقوة بأفكاره كلها.

فقدنا جذورنا منذ بداية الحياة، عندما أحسسنا بالخوف وانعدام الشعور بالأمان بسبب غياب الدعم. ففي لحظات الشعور بالخوف تنسحب الطاقة من السطح وتتركز في الأجزاء الداخلية ضمن المناطق الأساسية أي الدماغ والقلب. وبالتالي، عندما تنسحب الطاقة من القسم الأدنى من الجسد بناء على اختبار الخوف مما يحصل هو فقدان الاتصال بالأرض الـ Grounding، عوضًا أن يكون الفعل من خلال قدمين في الأرض.

ومن الجدير بالذكر أن الفرد غير المتجذر كائن منعزل، انفصل عن شجرة الحياة، مخلوق من دون بيت، فالبيت بالنسبة لكل شخص هو جسمه خاصته. وبالتالي فما نحتاج إليه هو السقوط في الحقيقة، في حقيقة جسمنا وفي علاقتنا مع الأرض، ولذلك سوف نجد أنه من الضرورة بمكان التطرق إلى تمرين السقوط في نهاية هذا البحث.

ثقافتنا ثقافة فكرية، فإن معظم الأشخاص الذين يعيشون فيها يتوجهون من خلال الرأس. ويستخدمون إرادتهم عبثًا في مجهود لاستعادة حيوية أجسامهم، فالإرادة هي أداة الأنا الذي يبعد الشخص عن الاتصال بجسمه وأحاسيسه. لا يمكن حل هذه المشكلة في الرأس وإنما من الأرض إلى الأعلى، علينا بالأحرى أن نبدأ من أقدامنا.

إذن في المنهج الحيوي الطاقي ثمة موجتان تنفسيتان: واحدة صاعدة عبارة عن نبض طاقي صاعدة عبر القدمين الأمر الذي يقتضي انكماش العضلات الخاصة بالتنفس. والموجة الأخرى وهي نازلة عبر القدمين ويرافقها استرخاء العضلات. موجتان ذات طبيعة نبضية إيقاعية متساويتان فيما يتعلق بكثافة الحياة وامتلائها في داخل الجسم. فهذا المبدأ في قاعدة إثبات عام في المنهج الحيوي الطاقي الذي يحمِّل العينين بشكل مساوٍ تمامًا للتحميل في القدمين. ما أن يتحقق عمل مكثف على التنفس بطريقة أو بأخرى يشعر الأشخاص أن الحمولة الطاقية للقدمين قد ازدادت، ويروي الأشخاص عن تحسن ذي معنى في الرؤية أيضًا. ذلك أن عيونهم تبدو أكثر بريقًا وأكثر شدة.

يساعد تمرين الـ Grounding الشخص على أن ينفتح على الأحاسيس الأكثر عمقًا، وعندما يمارس تمارين تنفس والشعور بالاهتزاز الطاقي يحتاز على تجربة جسمانية كلية يمتلئ من خلالها بالحياة والطاقة. فهم مع شعورهم بأقدامهم تلامس الأرض وبواسطة الاتصال بالأرض يحسون أنهم متصلون بالجسم ككل.

ليس فقدان الشعور بالأمان هو الثمن الوحيد الذي ندفعه من أجل طريقة لحياة من دون جذور في الأرض. بالنسبة للأغلبية إن فعل المشي ليس نشاطًا باعثًا على الشعور باللذة في حد ذاته، وإنما هم يسيرون من أجل الوصول إلى ثمة مكان أو كمجرد تمرين لا أكثر.

إن الحركات الرشيقة (اللطيفة) هي السمة الأساسية للفرد المتصل بالجسم وبالأرض. وعندما يتحرك شخص بطريقة ظريفة فهو على اتصال بالإيقاعات الأكثر عمقًا للحياة. وفقدان الرشاقة (الظرافة) يشير إلى فرد غريب عن عالمه. وعوضًا عن استسلام إرادته في حركات انسيابية تراه لا يشعر بالأمان وفاقدًا للمرونة.

إنما تعود طبيعة الرشاقة (الظرافة) إلى الشعور بأننا نملك الدعم وحافز أمنا الكبرى أي الأرض.

قوتنا تأتي من الأرض مثلما هو الأمر عند الأشجار. فإذا ما تم قطع جذورنا مع الأرض، فسوف نموت، ليس موتًا جسمانيًا، وإنما موت طاقي أو روحي.

من الأهمية بمكان التأمل بكيفية عمل الجزء العضلي لمشط القدمين في إتاحة هذا الاتصال. ألكسندر يرى صورة موجة استثارة إلى أسفل من خلال الساقين في حركة حلزونية. وفي النهاية فإن الحركات الحية كلها لديها اتجاه حلزوني. فالحياة لا تحدث ضمن خط مستقيم. والجزء العضلي لمشط القدم هو مثل قمة شيء يقوم بتركيز وتفريغ الحمولة. يحصل التفريغ في حركة معاكسة نحو الأعلى من خلال الساقين وصولاً للمنطقة التناسلية. اختبر ألكسندر هذه الحركة الصاعدة عدة مرات، ومع ذلك لا يتوقف التيار عند الحوض أو المنطقة التناسلية فإن موجة العودة تتابع تحركها نحو الأعلى من خلال الظهر حتى الرأس. وثمة نقطة في قمة الرأس مواز للقمة للجزء العضلي من مشط القدم. وهذه القمة الأخرى تتمركز في فروة الرأس حيث الشعر يدور في دوامة حول النقطة المركزية التي هي الأخرى نقطة تفريغ.

ومن الجدير ذكره أنه كما القدمان هما مركز اتصالنا بالأرض فحدقتا العين لهما وظائف مشابهة للقدمين فالعين هي نقطة اتصالنا البصري مع العالم الذي نحن فيه.

ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الجسم يحتاج إلى توازن طاقي. فالحمولة والتفريغ الطاقيان يجب أن يكونا متساويين. وإذا ما كانت حمولة فرد تزداد إلى ما هو أبعد من قدرته على تفريغها فإن توازنه يختل وحركاته تصبح شواشية، ويشعر بالضياع. وإذا كان تفريغ الطاقة أعظم من عامل الطاقة الممتصة فالشخص يضعف ويموت.

أخيرًا وليس آخرًا، فالخوف عظيم من أن يصبح المرء منظومة أكثر حياة وأن يعاين الخوف أي خوفه الحقيقي، والحب، والغضب، والحزن، وأن يتخلى عن الدفاعات العصابية كسمة الطبع التي سوف تكون موضوع فقرتنا التالية. لدى المرء إذن خوف من الاستسلام للأحاسيس، وللحياة، وللجسم، وهذا واقع ذو طابع معدٍ ينتقل بالعدوى بين أفراد أجيالنا، الأمر الذي يجعل المرء يحقِّر الجسم على حساب العقل. وبالتالي فإن فكر الفرد هو أسمى من مشاعره وأحاسيسه، والقدرة أكثر أهمية من السرور، والفعل يعطي معنى للحياة، وليس أن يكون أي أن يوجد، أن يكون سعيدًا بذاته. هذا الموقف الذي يسم الشخص النرجسي الذي أصبح اليوم هو الشخصية المهيمنة في ثقافتنا المعاصرة.

علم الطباع الإنسانية

قبل أن نخوض في علم الطباع الإنسانية من منظور ألكسندر لوون الذي طوره عن معلمه فيلهلم رايش، وهذا الأخير اقتبس أو بالأحرى أنضج هذا المفهوم من خلال المعلم الأول زيغموند فرويد الذي رسم معالم طباع معينة وفق سيرورة نمو الليبيدو عند الطفل فأسمى هذه المراحل التي ميزت طبعًا خاصًا من خلال تفاعل الليبيدو في هذه المرحلة أو تثبته عليها فتمنح للطبع سمته العصابية. أولاً: الطبع الفموي؛ ثانيًا: الطبع الشرجي؛ ثالثًا: الطبع القضيبي؛ رابعًا: الطبع التناسلي. وإذا تحدثنا بلغة الغشتالت فالغشتالت يبدأ بالفموي وينغلق في التناسلي، إنه دائرة تشير إلى نضوج الكائن الإنساني لكي يمارس فعالياته بنجاح في المجتمع ككل.

والآن أتى رايش فطور الموضوع مع تركيزه على هزة الجماع كاملة تكون معيارًا للصحة السوية للإنسان، وبالتالي فإن بنى الطبع هذه ليست أكثر من آليات دفاع ذات طبيعة عصابية يتم فيها انحصار الليبيدو أو الطاقة الجنسية، وبالتالي إذا ما أردنا تحرير هذه الطاقة علينا أن نخوض في هذه المتاهة التي هي بنية الطبع وأن نعمل على تفكيكها حتى يتكامل الكائن الإنساني ككل، ويستطيع بلوغ هزة جماع كاملة تشمل الجسم بأكمله في موجة من النشوة تكون معيار الشفاء.

التحول الذي طرأ على نظرية نمو الليبيدو وتشكل الطبع عند فرويد هو ما يلي:

بالنسبة إلى رايش فما يميز تشكل بنية الطبع تكون بادئ ذي بدء ما يسميه بالدرع العضلي، وهو الذي يحتوي على عضلات ذات توترات مزمنة تحدد آليات الدفاع وبالتالي بنية الطبع ذا الميل العصابي. فهذه التوترات يتم احتباس الطاقة فيها وبالتالي لا تنساب عبر الجسم الأمر الذي يشير إلى مقدار صحته الداخلية.

في الحقيقة إن رايش يضيف مرحلة على ما أسماه فرويد بالطور الفموي، ويسميها رايش بـ"المرحلة الرؤيوية" ففي رأيه أن المنطقة النوعية الأولى التي يتصل من خلالها الرضيع مع العالم والمشاعر والأحاسيس كاستجابات تنشأ عن هذه المنطقة بالذات. وهذه المنطقة حساسة لدرجة أنها أول منطقة تتلقى الشعور بالصدمة من خلال تعابير الغضب أو غير ذلك ممن يحيط بالرضيع. ثم تأتي المرحلة التي أشار إليها زيغموند فرويد "المرحلة الفموية"... الخ.

أما الدرع العضلي الذي أشرنا إليه من خلال ما أشرنا إليه "العضلات التي تحوي التوترات المزمنة". وتبدأ أول ما تبدأ بالحلقة الرؤيوية حول الجمجمة ثم الحلقة الفموية ثم حلقة الرقبة ثم حلقة الحجاب الحاجز حيث تتسع منطقة الصدر بين حلقة الرقبة وحلقة الحجاب الحاجز. ثم حلقة الحوض والتي تحتوي أيضًا على منطقة البطن بين عضلة الحجاب الحاجز والحوض. وثمة حركتان أساسيتان واحدة طاردة نحو السطح أي الجلد حيث تتمركز الطاقة فتتجلى (العدوانية) أو (الانشراح) و(الشعور باللذة)، وأخرى جاذبة إلى المركز وتتصف بالانكماش والألم والقلق وتتسم بالهروب من مواجهة الخوف وتضاؤل مستوى الطاقة على سطح الجسم، والعمل العلاجي يتناول العمل على تحرير التوتر من أجزاء الدرع العضلي حلقة فحلقة كما أشرنا آنفًا، بدءًا من الحلقة "الرؤيوية" وصولاً إلى الأخيرة "الحوض".

هذا من جهة، والعمل على الحركة الطاردة من المركز، ومن جهة أخرى الجاذبة لخلق توازن ديناميكي وإعادة الكائن الحي إلى مساره السوي.

تطور من هذا كله مفهوم صديقنا الدكتور العالِم الكبير ألكسندر لوون بما أشار فتمايزت خمسة أنماط أساسية نستطيع استنباطها سواء على المستوى النفسي أو حتى على المستوى العضلي... ومن الجدير بالذكر الإقرار بأنه ما من أحد هو عبارة عن نمط واحد فقط، وإنما يضم مستويات متنوعة في شخصيته. ولكن أحدها يبدو أكثر تمايزًا من الأخرى وعلى هذا النحو فما يتطابق مع ما ذكرناه بالنمط الرؤيوي الذي يختص بالمرحلة الرؤيوية السابقة للمرحلة الفموية يسميها الدكتور ألكسندر:

1. بنية الطبع الفصامي (المجزأ)

الحالة الحيوية الطاقية:

إن الطاقة مقموعة دون البنى المحيطية للجسم، ولنعلم أنها بعيدة عن الأعضاء التي تقيم اتصالاً مع العالم الخارجي: الوجه، واليدان، والأعضاء التناسلية، والقدمان.. ونلقى هذه الأعضاء منفصلة عن المركز إلى حد ما لأن استثارة المركز لا تنساب مباشرة لهذه الأطراف، وهذه الأعضاء، لكونها محتبسة من خلال توترات عضلية مزمنة متموضعة في قاعدة الرأس، والكتفين، وفي الحوض، وفي مفاصل الورك. وبالتالي، تصبح الوظائف التي تقوم بها هذه الأعضاء منفصلة عن المشاعر الموجودة في مركز الشخص. ولذلك أسميناه أيضًا بالطبع (المجزأ).

المتلازمات النفسية:

ليس لائقًا الانطباع عن الذات أمام غياب التواحد مع الجسم فلا يشعر الشخص أنه متصل ولا أنه متكامل جسميًا.

الميل إلى الانفصال عن المستوى الجسماني من خلال غياب الاتصال الجسماني بين الرأس وباقي الجسم، مما ينشئ حالة من انقسام في الشخصية على شكل مواقف متناقضة. فمن الممكن على هذا النحو أن نلقى سلوكًا متعجرفًا وفي الوقت نفسه يكون وضيعًا، أو مثل سلوك عذراء إلى جانب سلوك عاهرة في الوقت نفسه أيضًا. وتعكس هذه السلوكيات انشطارًا للجسم إلى قسمين أعلى وأسفل.

يتصف الطبع الفصامي (المجزأ) بالحساسية المفرطة بسبب هشاشة محدودة تحيط بالأنا، وهي تعويض نفسي عن غياب الحمولة الطاقية المحيطية.

يظهر الطبع الفصامي ميلاً شديدًا لتجنب العلاقات الحميمة والفردية. وفي الحقيقة، فمن الصعوبة بمكان أن تستقر هذه العلاقات بسبب نقصان البنى المحيطة للاتصال.

إن إرادة الحث على الأفعال تعطي سلوك الفصامي صبغة اصطناعية فتتناول على هذا النحو التصرف الذي نسميه "كما لو أن" مما يعني كما لو أنه قائم على مشاعر، لكن الأفعال في حد ذاتها لا تعبر عنها.

2. بنية الطبع الفموي (الطفولي)

الحالة الحيوية الطاقية:

البنية الفموية هي حالة من حمولة طاقية منخفضة. فالطاقة ليست منحصرة على المركز فقط كما هي الحال لدى الفصاميين، لكنها تنساب حتى محيط الجسد ولكن بشكل ضئيل.

إن نقصان الطاقة والقوة هي الأكثر ظهورًا في القسم الأسفل من الجسم، لأن نمو الجسم الطفولي يحصل نحو الاتجاه الرأسي.

المتلازمات النفسية:

لدى الفرد ذو الطبع الفموي صعوبات لكي يعتمد على نفسه فهو ينزع لأن يكون عالة أو مدعومًا من قبل أحدهم. ومع ذلك، فهذا ميل يمكن أن يخفي وراءه موقفه الاستقلالي المفرط. فأن يدعم نفسه، ينعكس في الوقت نفسه في عدم مقدرته على البقاء وحيدًا. وثمة رغبة مفرطة في أن يكون برفقة أشخاص آخرين لكي يتلقى دفء محبتهم ودعمهم. إن الفرد ذا الطبع الفموي خاضع لتناوبات المزاج بين الكآبة والنشوة بسبب مستوى طاقته المنخفض. والميل إلى الكآبة هو السمة المرضية المميزة للسمات الفموية في الشخصية.

ميزة نمطية أخرى للفموي هي الموقف الذي يتبناه بأن الأشياء تنتسب له أي أن الآخر مديون له بها. ويمكن إظهار ذلك من خلال الفكرة بأن على العالم أن يسنده. إنه مركب ينجم بشكل مباشر عن تجاربه الأولى من الحرمان.

3. بنية الطبع المعتل نفسياً (المنزاح)

الحالة الحيوية الطاقية:

ثمة نمطان، والأجساد تتوافق مع هاتين البنيتين للمعتلين نفسيًا. فالنمط المستبد هو الأكثر سهولة لشرحه، ذلك أن النمط الآخر هو الغاوي أي الذي يغوي الآخر لكي يقع في إساره وتحت هيمنته... إذن لن نخوض في هذا النمط الفرعي من بنية الطبع المعتل نفسيًا، وإنما سوف نخوض ما ذكرناه بالنمط المستبد، فالحصول على قدرة أكبر من شخص آخر يحدث عندما يكون واحد في مستوى أعلى من الآخر. ففي هذا النمط ثمة انزياح واضح للطاقة نحو الطرف الرأسي للجسم.

بشكل عام ثمة تقلص واضح جدًا حول الحجاب الحاجز والخصر، الأمر الذي يوقِف نزول تيار الطاقة والمشاعر.

المتلازمات النفسية:

يحتاج الفرد ذو الشخصية "المعتل نفسيًا" لأحد ما كي يسيطر عليه، وبالتالي فثمة حد ما من الطبع الفموي في كل الأفراد "المعتلين نفسيًا".

وإذا ما نظرنا لحاجة هذا النمط للسيطرة عن كثب لرأيناها مرتبطة بخوفه من أن يُسيطَر عليه الأمر الذي يعني استخدامه.

الجنسانية موظفة بشكل ثابت في هذه اللعبة لبلوغ القدرة. فالمعتل نفسيًا غاو مع مظاهره في التحكم بالآخرين.

إنكار المشاعر بشكل أساسي هو إنكار للحاجات. فاستراتيجية المعتل نفسيًا يكمن في جعل الآخرين باحتياج دائم له، ولكي لا يحتاج التعبير عن هذه الحاجة فإنه يبقى دائمًا على هذا النحو فوق الآخرين.

4. بنية الطبع المازوخي

الحالة الحيوية الطاقية:

على خلاف بنية الطبع الفموي. فالمازوخي موهوب بمستوى عال من الطاقة التي تظل مع ذلك محتبسة بشكل قوي في الجسم، ولكن ليس بشكل مركَّز.

إن الأعضاء المحيطية هي أقل تحميلاً بالطاقة بسبب الكبت الداخلي الشديد، الأمر الذي بقدر ما يمنع من تفريغ الطاقة فكذلك أيضًا ينطبق الأمر على الإطلاق الطاقي، أي أن الأفعال التعبيرية تكون محدودة.

الكبت الداخلي من الشدة بمكان أنه يؤدي إلى انضغاط وانحلال قوى الجسم. يظهر الانحلال في الخصر، في حين يرزح الجسم تحت ثقل توتراته.

تتعرض الدوافع التي تتحرك نحو الأعلى، ونحو الأسفل للاختناق في الرقبة، وفي الخصر مما يؤدي إلى ميل قوي للتعبير عن القلق عند هذه الشخصية.

إن امتداد الجسم بمعنى الاتساع أو السعي لشيء خارج ذاته محدود على نحو كبير. كما أن الإقلال من الامتداد يؤدي إلى قصر في البنية الموصوفة أعلاه.

المتلازمات النفسية:

بسبب كون الكبت شديد، فالعدائية، وإثبات الذات يصبحان ضئيلين جدًا. وعلى عكس إثبات الذات، فالشخص المازوخي يُظهِر مشاعر ظلم وشكاوى. وهذا هو التعبير الشفهي الوحيد الذي يتمكن من الخروج بسهولة من حنجرة تكاد تكون مخنوقة. ويحل مكان العدائية السلوك الاستفزازي ذو هدف هو استجابة قوية بالشكل الكافي من قِبَل الشخص الآخر لكي يمتلك المازوخي فوق كل شيء الشروط للتحرك بعنف وانفجاري حتى في الحالات الجنسانية.

إن ركود الحمولة الطاقية الذي يسببه العنف المكبوت يؤدي إلى تكون الشعور بأنه "عالق بالوحل" وذلك باعتبار المازوخي عاجز عن التحرك بحرية.

إن موقف الإذعان والتودد هما سمتان مميزتان للسلوك المازوخي. وثمة على مستوى الوعي تمثل محاولته في أن يكون مُرْضيًا أمام الآخرين، ولكن هذه الحالة على مستوى اللاوعي مرفوضة بسخط، وذلك بسبب السلبية والعدائية. وعلى هذه المشاعر المكبوتة أن تُطلَق من جانب المازوخي قبل أن يتمكن من الحصول على استجابة مرحة أمام مواقف الحياة المتنوعة.

5. بنية الطبع الصلب

الحالة الحيوية الطاقية:

ثمة حمولة طاقية قوية على نحو يؤخذ بعين الاعتبار عند هذه البنية من الطبع وفي كل النقاط المحيطية للاتصال مع الوسط المحيط. فإن هذا يسهل اختبار الحقيقة قبل أن يتصرف.

كبته محيطي، ولكونه على هذا النحو، فبإمكان مشاعره الانسياب، ولكن ظهورها محدود.

المتلازمات النفسية:

إن أفراد بنية هذا الطبع هم بشكل عام دنيويون، وجشعون، وتنافسيون، وعدوانيون. أما الانفعالية فيتم اختبارها على أنها جانب ضعيف من شخصيتهم.

هكذا بمقدور شخص كهذا أن يكون عنيدًا، ولكن من الصعوبة بمكان إغضابه، ويأتي هذا العناد من غروره إلى حد ما، فلديه خوف من الإذعان لئلا يبدو بمظهر الغبي، ولذلك يظل متكتمًا. ومن جانب آخر، لديه خوف من أن يتسبب الخضوع لفقدانه لحريته.

إن الفرد ذا الطبع الصلب يواجه بشكل عام وسطه المحيط بشكل ناجح جدًا.

للختام

يقول ألكسندر لوون في كتابه المنهج الحيوي الطاقي:

يكمن عيب تقنية التحليل النفسي تجاهلها للجسد، وذلك في محاولة هذه التقنية مساعدة المريض في التغلب على صراعاته الانفعالية. فإذا لم تقدم الأفكار التي تبرز خلال مدة العلاج أيَّ تجربة هامة للجسد، فستكون هذه الأفكار عاجزة عن إحداث تغييرات أكبر في الشخصية. كنت أرى غالبًا مرضى بعد سنين طويلة من العلاج بالتحليل النفسي، وقد توصلوا إلى معلومات كثيرة، ولكن إدراكهم ضئيل لحالتهم، وظلت مشاكلهم على حالها، ولم يجدوا حلاً لها. فالمعرفة تصير إدراكًا عندما تكون مصحوبة بالإحساس، وفقط إدراك عميق مصحوب بإحساس قوي يكون قادرًا على تغيير مستويات مكوِّنَة للسلوك.

من هذا المنطلق كان لابد في هذا المنهج من لجوء المعالج للتدليك أحيانًا لإطلاق التوترات من العضلات ذات التوتر المزمن. وكان لابد للجوئه لتقنية التنفس البطني العميق وتقنية الصراخ واللجوء للبكاء العميق وتفريغ الغضب من خلال ركل الأريكة في عيادة الطبيب، أو توجيهه ضربات للوسادة، أو حتى من خلال شده بين فكيه على قطعة قماش... الخ، وطور ألكسندر لوون تمارينًا عظيمة أغنت تقنية رايش العلاجية فأضحت مدرسة في حد ذاتها مؤسسها ألكسندر لوون التلميذ الروحي لرايش وأسمى ألكسندر لوون مدرسته بـ"المنهج الحيوي الطاقي" حيث يعلم المرضى أو التواقين تمارينًا حيوية كالقوس، وتمرين الاتصال بالأرض، وانعكاس هزة الجماع، وتمرين السقوط الذي لم نتطرق له، ويقف فيه المريض على قدم واحدة فوق فراش يستطيع امتصاص صدمة السقوط. فتمرين السقوط يعني الاستسلام للجسد على خلاف شعور الأنا بالهزيمة عند السقوط. فالعصابيون يخشون السقوط لأنهم بتركيزهم على الأنا تشكل الهزيمة بالنسبة لهم حالة السقوط نفسها التي لا يمكن تفاديها وهي إحدى أسرار الطبيعة، والجسد. ففي عملية السقوط ليس هناك استمرارية للمحاولة في السيطرة على الجسد وعلى الظرف المحيط وعلى الحدث وعلى حاجات الجسد... الخ، عوضًا عن ترك نفسه تنساب وسط تيار الحياة وتتخلى طوعًا عن الإرادة لتصبح مشيئة الكون التي تتوافق آنئذ مع حكمة الجسد في توجيهه نحو محيط الحياة اللامتناهي.

إذن باختصار، لابد من إشراك الجسد في العمل العلاجي إذا ما شئنا بلوغ شفاء حقيقي.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، الرسوخ في الجسد يعني التحرر من إسار العقل للوعي، والإحساس والشخص في حد ذاته. وبالتالي فالدخول إلى الجسد يعني اتحاد الوعي بالانفعال كما هو من دون محاكمة أو شجب. وبالتالي فالدخول إلى الجسد يتم من خلال الاتحاد بالانفعال أن يصير المرء هو الانفعال نفسه إذاك لا يكون ثمة سوى الانفعال والجسد هنا ليس أكثر من نابض بالحيوية أي حيوية الاهتزاز. الجسد هنا ما هو المرء عليه.

وفي أي حال من الأحوال الانفعال يصبح سامًا عندما يجري شجبه، وبالتالي كبته فيملأ الجسد بسمومه، ولا يجري التحرر منه إلا من خلال الوعي، ويصبح الانفعال إيجابيًا حاملاً للنعمة إلى كينونة الإنسان. وبعبارة أخرى، فالانفعالات السامة يمكن أن تصبح ترياقًا للجسد إذا ما تم التعبير عنها أولاً والعمل على تحويلها ثانيًا. إذن، يتحول الغضب إلى حنان، والاكتئاب إلى ولادة جديدة في فرح الوجود، واليأس إلى أمل، والضياع إلى إيمان حقيقي كلها قائمة على سياقات بيولوجية للجسد نفسه.

للتلخيص

الهدف من تمرين "الاتصال بالأرض" هو الإحساس بحيوية القدمين والسماح لموجة الاهتزاز الطاقية بالعبور من خلالهما مع استخدام الصوت والتنفس البطني العميق وتحريكهما وفقًا للإيقاع النبضي للاهتزاز. فالنبض يبعث بالاهتزاز، وتظهر من خلال هذا الأخير الطاقة الشفائية للنفس والجسد.

اختبار وتعليق

يذكر ألكسندر لوون مؤسس المنهج أنه حين كان في منزله على الشاطئ، أخذ يتنزه على الشاطئ ذات يوم حين أتت موجة من الطاقة منبعثة من الأرض انسابت عبره على نحو أحس في أنه أصبح بوعيه (في جسمه) على ارتفاع عن الأرض بمقدار خمسة سنتيمترات، وأن الموجة عبرت شعر رأسه كله. وبالنسبة له فالشعور بالطاقة تنساب عبر الجسم هو ما نسميه بالتحقيق (تحقيق الذات العميقة).

في رقصة الدراويش (المولوية) نراهم يدورون بحركة دورانية من دون توقف تبدأ الحركة من القدمين وتشمل الجسم كله من الأسفل وإلى الأعلى. فالهدف الذي يجري تحقيقه في كل هذه الأشكال هو تحرك الطاقة من القدمين إلى أعلى، وهي تجتاز الجسد وتكمل الدورة عائدة إلى الأرض.

فائض الطاقة المتراكمة يؤدي للانحطاط على نحو شبيه بما يجري للمحيط عندما يترك نفاياته على الشاطئ عند حركة الجزر. وأما الاهتزاز فهو أشبه ما يكون بحركة المد الذي يأخذ معه كل النفايات حتى تراب الشاطئ بارتفاع المياه وامتدادها، وهكذا فالاهتزازات القوية توقظ السياق الطبيعي لشفاء الجسد والنفس.

اختبار وتعليق

يقول ألكسندر لوون:

هدفي هو جعل الاهتزازات تبدأ في القدمين، ومن صعودها عبر الجسد. فإذا ما ازدادت الحمولة في القدمين والساقين فإنهما تأخذان بالارتعاش بقوة. وهكذا يبدأ سياق الشفاء الذي تعمل على تهيئته الاهتزازات نفسها.

التنفس البطني الكامل يفعل مثل موجة تعبر الجسم صعودًا مع الشهيق، وهبوطًا مع الزفير، توترًا مع الشهيق، واسترخاء مع الزفير.

الرعشة أي هزة الجماع هي الخبرة الأكثر عمقًا والأكثر جسمانية لوحدة الإنسان مع جسمه والطبيعة والكون. الرعشة أي هزة الجماع هي المدخل البيولوجي لفهم الإحساس بالوجد الصوفي والذوبان في الكون والألوهة... الألوهة هي تلك الذروة التي يغيب فيها الصوفي في حالة من الوجد التي يعبِّر عنها الجسد المتواضع من خلال خبرة هزة الجماع... وهذه الهزة لا يمكن اختبارها من خلال لذة موضعية أو إثارة لحظية، وإنما في المنهج الحيوي الطاقي هو مغامرة اكتشاف الذات. وهذا الأمر يختلف عن تقصيات مشابهة حول طبيعة (الذات)، عند محاولة فهم الشخصية الإنسانية من وجهة نظر الجسد الإنساني. فمعظم الاستكشافات السابقة كانت تبئيرًا للعقل. فمعلومات قيِّمَة كثيرة تم الحصول عليها من خلال استقصاءات وأبحاث العقل، ولكنها في معظمها كانت تنسى أو تتحاشى أو تدع جانبًا الأرضية الأكثر أهمية من الشخصية: ألا وهو قاعدتها التي تقوم على أساس العمليات الجسمانية. لن يكلفنا الأمر الكثير الإقرار بأن ما يحدث في الجسد يؤثر بالضرورة على العقل، وهذا ليس بالشيء الجديد. ولكن الموقف الذي يتخذه المنهج الحيوي الطاقي هو أن العمليات الطاقية للجسد تحدد ما يحصل في العقل بالطريقة نفسها التي يحدد فيها ما يحصل في الجسد.

في عام 1975 أصبح المنهج الحيوي الطاقي معروفًا نسبيًا، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو خارجها خصوصًا في أوروبا، على الرغم أن مؤسس هذه المدرسة العلاجية العالم الكبير ألكسندر لوون - وهذه المدرسة تحمل علم النفس الرايشي في طياتها مع تطوير لأسسه ضمن منحى علاجي - لم يقم بتأسيس منهجه بهدف الربح المالي، وإنما كدمج علم النفس ونظرته الفلسفية للموجود الإنساني، واستنباط مبادئ علاجية فعالة لاستعادة الكائن الإنساني لطبيعته وحريته الحقيقيتين، وبالتالي إيجاد إجابات لصراعاته الأساسية.

لدينا في عمل ألكسندر لوون كتابه الذي نعتمده في دراستنا هذه أي كتاب المنهج الحيوي الطاقي[1]. ولدينا في هذا الكتاب محاولة في تنظيم يقوم منحاه على فهم العمليات الطاقية على قاعدة قوامها السلوك الإنساني، وبالتالي سوف نجد هنا أيضًا كما في التاسوعية سابقًا: خمسة أنماط سلوك أساسية تختلف الواحدة عن الأخرى بعملياتها الطاقية التي سوف نعمل على شرحها واحدة فواحدة في نهاية البحث تقريبًا.

ونرى الكتاب يتطرق أيضًا إلى المنحى الوظيفي الأمر الذي جعلني أستخدم غالبًا المنهج الحيوي الطاقي الوظيفي، الأمر الذي يشير إليه مثلاً: معنى تموضع الغدتين الكظريتين فوق الكليتين، فلا معنى لمكان تموضعهما إذا لم ندرك أن موضعهما هو النقطة الأكثر أهمية في الجسم كمركز مضاد للشعور بالضغط والكرب estresse فتقوم بإفراز هرموناتها كاستجابة لحالة الشعور بالضغط والكرب. أساسًا هذا الشعور هو مظهر للشعور بالجاذبية بشكل خاص بالنسبة للكائنات الإنسانية الذين يتوجب عليهم مقاومة قوة الجاذبية عندما يقفون على أقدامهم. ومن الطبيعي أن هذا الأمر لا يمثل مشكلة بالنسبة للشخص الناضج، ولكن الشعور بالضغط وبالكرب قد يزداد بشكل كبير إذا ما حمل الشخص حملاً أو عبئًا هائلاً. وبالتالي يتم الشعور بهذا الـ estresse في المنطقة القطنية من الظهر حيث تكمن منطقة الغدتين الكظريتين اللتين تتفاعلان مع الحدث فتفرزان هرمون الأدرينالين الذي يعبئ الجسم باحتياطي قوى الجسد لمواجهة الوضع الباعث على الشعور بالضغط والكرب. وثمة مثال آخر ألا وهو تموضع الغدة الدرقية فوق الرغامى (قصبة الرئة) مباشرة تحت الغضروف الدرقي. وبنفس الطريقة التي رأينا فيها تموضع الغدتين الكظريتين للتفاعل عند حدوث الشعور بالضغط، فالغدة الدرقية متموضعة لكونها حساسة لعملية التنفس. وهذا يوحي لنا بأن إفراز هرمون التيروكسين tiroxina الذي يضبط النشاط الاستقلابي للجسم، فهو مرتبط بشكل مباشر بكمية الهواء الذي نتنفسه.

يعرف الطب هذه العلاقة المتبادلة منذ وقت طويل، وقد استخدم النشاط التنفسي لقياس مدى إنتاج هرمون التيروكسين.

إن نوعية التنظيم العضوي الحي للجسم لا يعمل كماكنة صلبة، وإنما يتفاعل مع الوسط المحيط بطريقة حساسة. فالأحاسيس هي حركات أو تيارات داخلية لاستثارة أو طاقة ناجمة عن مركز العضوية باتجاه السطح كاستجابة لمؤثرات العالم. وهذا التيار من الاستثارة يتبع مسارات معينة وفقًا لطبيعة المؤثرات. وعندما يبلغ التيار سطح الجسم نعي إحساسًا ونعطي اسمًا لهذا الإحساس. فمثلاً ذات مرة اختبر مؤسس المنهج نفسه أي ألكسندر لوون أثناء عمله على الجسد فأحس بموجة من الاستثارة تصعد من منتصف ظهره حتى الرقبة فأدرك أن شعر أعلى الظهر والجمجمة قد انتصب بفعل الموجة التي مرت من خلال أعلى الرأس ثم نزلت حتى أنياب الفم. فأحس بصوت دمدمة (هرير) يتضخم في داخله. ثم يصف الأمر أنه كان أشبه بموجة غضب حيواني عميقة، مثل كلب عندما يصرف على أسنانه ويستعد للهجوم. ويصف أيضًا كيف وعى هذا التيار من الغضب، وبوسعه تذكره دائمًا. إنني أذكر هذه الخبرة للإشارة فقط إلى ارتباط الطاقة الحيوية بوظائف الجسد والعقل والنفس والروح في كتلة جسمانية واحدة. فإن تيار الاستثارة عبر النسيج الجسماني ممكن لأن هذه الأنسجة هي على قدر كبير من السيولة بمعنى آخر مكونة من ماء مع مركبات عضوية واستقلابية فضلاً عن الأيونات المنحلة فيها.

الحساسية، والأحاسيس والحركات العفوية ليست أكثر من صفات جوهرية للنسيج الحي أي الحياة. ففي حالة الصحة تحدث هذه الوظائف بشكل حر، وتعطي للعضوية الحية الإحساس بالوجود والغاية من وجودها. فالمعنى الأساسي أو الجوهري هو ببساطة "أن تكون" الذي يمكن ترجمته على أنه "الشعور الجيد" أي "الهناء" في حالة التنظيمات العضوية الواعية. إن أي تشويش على التيار الطبيعي للاستثارة في جسم، يضعف الإحساس بـ"الشعور الجيد" (الحضور الحسن، أو الشعور بالهناء). وبالتالي، فالهدف من العلاج يكمن في استعادة تيار الاستثارة المُحَرَّر. كل الانحصارات (توقفات سيلان الطاقة) بالنسبة للعلاج ليست سوى حالات من انكماش في الأنسجة خصوصًا في الجهاز العضلي. فالشعور باللذة، و"الحضور الحسن" (الشعور الجيد) إنما هي إدراكات واعية لمسار حر للاستثارة. والألم، والقلق مرتبطان بانحباس لهذا التيار. فالانحباسات (توقفات سيلان الطاقة) تتسبب بها توترات عضلية مزمنة في العضلات الكبيرة المُثلَّمَة التي تكسو الجسد، وفي العضلات الملساء التي تشكل أنابيبًا متنوعة لداخل الجسم، ومن بينها الأوعية الدموية، ومجاري الهواء، والأمعاء، والرحم. إنه ليس بالعمل السهل أن نفك انحصارات الطاقة ونعمل على استعادة حرية سيلان تيار الاستثارة في الجسم ككل!

إن كل عضلة متوترة هي عضلة خائفة. الخوف يعادل الانكماش، ويجب أن يتم فهمه والإحساس به وإطلاقه. حالة الانكماش أيضًا هي ظرف محزن جدًا. ولكي يتم التحرر من الانكماش يجب أن يتم التعبير عن الشعور بالحزن. وثمة أيضًا الشعور بالغضب المكبوت في حالة الانكماش، ويجب الشعور به، وقبوله وتفريغه. أخيرًا وليس آخرًا، يصف المنهج الحيوي الطاقي كيف يمكن فعل ذلك.

مفهوم الطاقة الحيوية (الاهتزاز)

يقول ألكسندر لوون في كتابه المنهج الحيوي الطاقي:

إن الطاقة متضمَّنَة في حركة الأشياء كلها سواء الحية منها أو غير الحية. ونعتبر هذه الطاقة في التفكير العلمي السائد أنها ذات طبيعة كهربية. إلا أن رايش أكد أن هذه الطاقة تستخدمها الكائنات العضوية الحية، وهي طاقة كونية أسماها بـ"الأورغون" وهو اسم مشتق من كلمة عضوية باللاتينية Organismo لا تملك طبيعة كهربية، وهي طاقة الحياة باختصار.

ولذلك نسميها بالطاقة الحيوية، ويتم الإحساس بها على نحو اهتزاز داخلي. وبالتالي فالطاقة موجودة في كل سياقات الحياة سواء في الحركات أو في المشاعر أو حتى في الأفكار...

لعل عملية التركيب الضوئي التي تقوم بها النباتات هي القدرة التي تتمتع بها هذه الأخيرة في استخدام طاقة الشمس ودمجها فيها وتحويلها إلى أنسجة عشبية. أما الكائنات العضوية أو الحيوانات فتستهلك الطاقة الناجمة عن عملية تمثل الغذاء فيها مستخدمة في النهاية طاقة الأوكسجين في عملية احتراق الطعام، وإلى ما هنالك من عمليات عضوية داخلية.

بما أن الحمولة والتفريغ يعملان كوحدة، فإن المنهج الحيوي الطاقي الوظيفي يعمل مع كلا جانبي المعادلة على نحو تزامني... فثمة مفهوم آخر يرافق الحمولة والتفريغ هو مفهوم السيلان الذي يشير إلى حركة داخل الكائن الحي، وأفضل تعبير عنه هو الجريان الدموي...

وعندما نأخذ بعين الاعتبار أن 99% من الجسم مكون من الماء، حيث يتكون قسمه الأعظم من أغلبية سائلة، فبإمكاننا أن نتخيل أحاسيسًا ومشاعر وانفعالات كما لو أنها تيارات أو أمواج لهذا الجسم السائل... فتحركات الكائن الحي هي أشبه ما تكون بأمواج بحيرة، مصدرها قوى داخلية....

بناء عليه، فالجسم عبارة عن نظام طاقي في تفاعل طاقي مستمر مع وسطه المحيط...

لقد ذكرنا آنفًا أن الإحساس بالطاقة كالإحساس بالنبض (الاهتزاز)، فهو يشير إلى ارتفاع في الحمولة الطاقية، ويتم الشعور بها في الشفتين اللتين تأخذان بالارتجاف وفي عضلات الساقين اللتين تسترخيان وتصبحان أكثر طاقية، وتأخذان بالاهتزاز الداخلي..

إن الاهتزاز هو تجل للحياة، فالجسد الحي ينبض، والاهتزاز مظهَر لخاصية النبض التي يتمتع بها النسيج الحي. وإذا لم يكن الشخص يخشى أن يفقد الضبط لنفسه، فالاهتزاز يصبح مرحبًا به كتحرر من الخاصية الصلبة لطبيعة العصاب!

لا يخشى الشخص السوي أحاسيسه خاصته، فخشية الأحاسيس هي علامة الشخصية العصابية. فنحن ما نشعر به.

يتعلق العلاج باستعادة الفعل الاهتزازي للعضلات الأمر الذي يقتضي ازديادًا للطاقة في الجسد خصوصًا في العضلات. وازدياد الطاقة في الجسم يتطلب أن يكون التنفس أكثر عمقًا.

اعتاد رايش على القول حول التنفس: "لا تفعل شيئًا"، فالجسد يعرف كيف يتنفس. وما علينا إلا الاستسلام إليه، وإذا لم نثق بالجسد فلن نثق لا بأنفسنا ولا بالطبيعة ولا بالله.

أحد الأمثلة لتجلي الصحة الانفعالية واختبار النشوة هو ما سوف يكون موضوع فقرتنا القادمة. وهو عبارة عن حركة اختلاجية لا إرادية ذات نمط خاص من الاهتزاز هو ما يسميه رايش بانعكاس هزة الجماع وهو ذو طابع شعور باللذة لأنه يضاعف من حركات الجسم في ذروة الفعل الجنسي من دون أن يكون هناك أي حمولة جنسية في الأعضاء التناسلية.

إذن نعود لموضوع فقرتنا "مفهوم الطاقة (الاهتزاز)". إن معظم الأشخاص لا يحسون بأقدامهم، وآخرون لا يحسون حتى بسيقانهم، وتنفسهم سطحي، الأمر الذي يسبب مستوى منخفضًا من الطاقة في الجسم وفقدانًا بالتالي للفعل الاهتزازي. ينجم عن هذا، حتى بالرغم من غياب إحساسهم بالكآبة، أن يفعل هؤلاء الأشخاص على مستوى انفعالي مكتئب، وبالتالي يعيشون ثابتين في الوظيفة الواعية وفي تمرين الإرادة وليس وفقًا لأحاسيسهم.

نعثر في كل مشكلة عصابية على جذور في الحالة الجسمانية من الإنهاك الاهتزازي أو المنع. امتناع عن الاهتزاز، امتناع عن الأداء، امتناع عن الوظيفة... الخ... وبما أن التوتر العضلي المزمن مسؤول عن الجسم المكتئب أو المحمل بشرط من نشاط في أعلى مستوياته! فالنشاط الاهتزازي للجسم هو قاعدة الحياة الحساسة. وبالتالي فالتحدي الذي يقوم عليه العلاج يكمن في إرجاع الجسم لحالته الاهتزازية، حالته الوظيفية، حالة حيويته الطبيعية، محررًا إياه من توتراته العضلية المزمنة التي تعيق تيار الاستثارة عبر الجسم. وعندما يحصل ذلك فهذا التيار يعبر الجسم مثل نهر يفيض عبر ضفتيه يزبد على الصخور في كثافات هائلة، يتراكض عبر مجراه في سرعة هائلة.

يتوجه العمل العلاجي إلى دفع المريض نحو الشعور بالصدمة، فهذه الصدمة تزعزع مؤقتًا البنية العصابية، وتسبب في حالات كثيرة اهتزازات وارتجافات. وهذا الأثر يمكن أن يصبح محوِّلاً ولكنه عموماً يفتح الباب جزئيًا.

البكاء العميق أيضًا في السياق العلاجي يؤدي إلى شعور بالاهتزاز يعبر الأنبوب الداخلي للجسم وللحبال الصوتية. وأخيرًا فالبكاء العميق يجعل القلب ينفتح على العالم...

انعكاس هزة الجماع

يشير الدكتور فريديريك بيرلز مؤسس العلاج الغشتالتي إلى أن بنية العصاب تتشكل من خمس طبقات. يسمي الأولى بـ"الكليشة" وهي (تكرار لنفس الحركات ونفس الكلام في اللقاءات والمناسبات... الخ). تأتي الطبقة الثانية وراء هذه وهي ما يسميها بـ"تأدية الدور" فهنا يكون الشخص كالممثل فهو مجرد مؤد لدور ما لا أكثر، كأن يكون طيبًا فهذا لا يعني بالضرورة أنه طيب وإنما يؤدي دور الطيب. وبعبارة أخرى يتصرف المرء في هذه الطبقة "كما لو أنه ذلك" ولكنه ليس ذلك!... فمن هو؟ إنه ذلك العصابي الذي ما زال يختبئ خلف طبقاته هذه... إذن فلنبحث عنه لكي نخلصه من معاناته، إننا الآن نقع في الطبقة الثالثة ويسميها بيرلز "المأزق"، وهنا يشعر المرء بأنه مسجون ضمن أمر ما، لا يستطيع الخلاص منه، ويشعر أنه ضائع تمامًا. وتتسم هذه الطبقة بسمة "الفوبيا" أو "الخوف" فهنا يتجنب الإنسان أمرًا ما على نحو دائم. وهنا يتلاعب الشخص مع العالم عوضًا عن معاناة ألم النمو. ففي هذه الطبقة يتحاشى المرء تمامًا مواجهة ألم المأزق. فخلف هذه الطبقة توجد الطبقة الرابعة والتي يسميها بيرلز بـ"الموت"، فهنا تظهر الطبقة على أنها موت أو خوف من الموت. وحالما ندخل باتصال مع هذه الطبقة ينبجس أمر ما. هذا الانبجاس يصبح انفجارًا. فطبقة الموت تعود إليها الحياة. وهذا الانفجار هو الصلة مع الشخص الحقيقي القادر على الاختبار والتعبير عن انفعالاته. وهناك أربعة أنماط أساسية لانفجارات طبقة الموت. فهناك الانفجار حزنًا عفويًا إذا ما كنا نشتغل على فقدان ما، أو موت لم يتم تمثله جيدًا. ونحن من دون شك نتذكر في سياق العلاج الحيوي الطاقي أهمية الوصول إلى "البكاء العميق". أما النمط الثاني من الانفجار فهو الانفجار في شعور بهزة جماع بالنسبة لأشخاص منحصرين جنسيًا (طاقتهم الجنسية محصورة أو متوقفة عند الأعضاء التناسلية فقط) وهذا هو موضوع فقرتنا، أي انعكاس هزة الجماع، وهو أمر علق رايش عليه أهمية كبيرة في بلوغ الشفاء الداخلي. أما النمط الأخير فهو الانفجار فرحًا وضحكًا. فالضحك أيضًا شأنه شأن البكاء العميق عامل شفائي بامتياز، يقود إلى الاتصال بالشخص الحقيقي أو النواة العميقة للكائن الإنساني.

إذن، نعود إلى النمط الثاني من الانفجار الذي أشار إليه بيرلز والذي جعل رايش منه الهدف العلاجي الشفائي الأخير. ألا وهو الوصول إلى ما أسماه رايش بـ"الانعكاس لهزة الجماع". يقول ألكسندر:

يكمن هدف العلاج بالنسبة لرايش في تطوير قدرة المريض على الاستسلام كليًا إلى الحركات العفوية واللاإرادية للجسم، والذي يؤدي بالنتيجة إلى استسلام لتنفس أكثر امتلاء وعمقًا على قدر الإمكان. وإذا ما تم ذلك فبوسع الأمواج التنفسية أن تولد تموجًا يدعوه رايش بالانعكاس لهزة الجماع.

آلية "انعكاس هزة الجماع"

هنا لا توجد حمولة، وبالتالي لا يوجد تفريغ، ولذلك أسماها رايش بـ"انعكاس هزة الجماع". وبما أن رايش كان يُعَرِّف هزة الجماع على أنها مختلفة عن القذف أو الذروة. فهي تمثل بالنسبة إليه ردة فعل لا إرادية للجسم ككل، تظهر ردة الفعل هذه في حركات إيقاعية واختلاجية.

وبالتالي عمل رايش على استنساخ هذه الهزة الحقيقية في تمرين أسماه "الانعكاس لهزة الجماع" عندما يكون التنفس حرًا بشكل كامل، والمرء في استسلام لكامل لجسمه... إذن، كما أشرنا أنه لا توجد في هذه الحالة ذروة أو تفريغ لأنه لا يوجد أصلاً تراكم للإثارة. وما يقوم به المريض إنما هو تحريك حوضه بعفوية إلى الأمام مع كل زفير، وإلى الوراء مع كل شهيق. وتنجم هذه الحركات بسبب الموجة التنفسية وفقًا لدورانها نحو الأعلى ونحو الأسفل متحركة من خلال الشهيق والزفير. وفي الوقت نفسه يقوم الرأس بحركات مشابهة للحوض مع الاختلاف بأن الرأس يتحرك نحو الخلف في فترة الزفير، وإلى الأمام في فترة الشهيق. ونظريًا فإن على المريض أن يتمتع بجسم حر بما فيه الكفاية لكي يستطيع الحصول على مثل هذا النوع من الانعكاس لهزة الجماع خلال جلسة العلاج، وبالتالي يكون قادراً للوصول إلى ما أسماه بيرلز "الانفجار" من خلال هزة جماع كلية في الفعل الجنسي. وبالتالي يجب اعتبار مريض كهذا سويًا على نحو انفعالي...

ثمة أمر يجب أن يظل واضحًا: إن الانعكاس لهزة الجماع ليس عبارة عن هزة جماع. فالانعكاس لهزة الجماع يحدث في مستوى منخفض من الاستثارة وهو حركة صغيرة الانتشار. ويتم اختباره كإحساس باللذة مع حرية داخلية تشير إلى ضآلة التوتر في الجسم.

تمرين التقوس

طوره ألكسندر لوون في "المنهج الحيوي الطاقي" كعامل مساعد لاستسلام أكبر للساقين والقدمين، ولإحساس أكثر رسوخًا بالاستناد على الأرض. ويُدعَى هذا التمرين بالقوس أو التقوس، ويُعتبَر وضعية أساسية للتوتر.

يشير الخط الموضوع فوق الرسم إلى القوس، أو التقوس الصحيح للجسم. والنقطة الوسطى للكتفين متموضعة مباشرة فوق النقطة الوسطى للقدمين، والخط الذي يوحد هذه النقاط هو قوس يكاد يكون كاملاً ويمر من خلال النقطة المركزية للمفصل الوركي.

عندما يكون الجسم في هذه الوضعية، تكون أجزاؤه في توازن كامل. ويكون التقوس (القوس) مشكلاً ومهيأ للحركة على نحو ديناميكي. ويكون الجسد على نحو طاقي محملاً من الرأس إلى القدمين. وهذا يعني أنه توجد سيالة من الاستثارة عبر الجسم. ويمكن الشعور بالقدمين على الأرض والرأس في الهواء، وفي الوقت نفسه ثمة إدراك لتكامل واتصال كليين... ويكون هذا التمرين عبارة عن وضعية توتر فإنه محمل على نحو طاقي، وتبدأ الساقان بالاهتزاز.

نستخدم هذه الوضعية لكي نجعل الأشخاص يشعرون بأنهم متكاملون ومتصلون، وأقدامهم مغروسة بثبات ورؤوسهم مرفوعة. لكننا نستخدمها أيضًا على نحو تشخيصي لكونها تفضح غياب تكامل الجسد مشيرة بدقة إلى مكان وطبيعة التوترات العضلية الرئيسية، وقد تم العثور بالتزامن مع اكتشاف وتطوير هذا التمرين على تمرين مشابه له يمارسونه في الصين ويُدعَى بـ"التقوس الطاوي" يسعى الممارس له أن يحصل على انسجام مع الكون من خلال توافق حركات الجسم مع تقنية التنفس.

الاتصال بالأرض Grounding

يمكننا القول حرفيًا إن تحليل المنهج الحيوي الطاقي قد تطور من الأرض إلى الأعلى، ولذلك علَّق ألكسندر لوون أهمية كبيرة على كيفية وقوف المرضى على أقدامهم إلى أي مستوى وصلت حساسية أقدامهم، وأي إشارات حيوية تظهرها. فدرجة الحيوية كانت تشكل مقياس الطاقة في أقدامهم.

آلية الاتصال بالأرض تقوم أولاً على الوقوف على القدمين مُبتعدَتَين، والركبتان مطويتان قليلاً والجسم مائل إلى الوراء، فهذه الوضعية تعطي شعورًا قويًا بامتلاك قدمين على الأرض. والبقاء في هذه الوضعية عدة دقائق وبعدها الانحناء إلى الأمام وملامسة الأرض من خلال رؤوس أصابع اليدين والركبتان مطويتان قليلاً والقدمان متوازيتان على مسافة ثلاثين سنتيمترًا تقريبًا، والمحافظة على هذه الوضعية لعدة دقائق يحرر اهتزازًا لا إراديًا في الساقين...

بما أن النشاط الاهتزازي للجسم الإنساني هو حركة عفوية يكون فيها الإنسان قادرًا على الإحساس بها، ويشكل هذا الإحساس قاعدة وعينا الذاتي، كما أن غيابًا كاملاً للأحاسيس يشير إلى جسم ميت داخليًا. وللسبب نفسه، فالقدمان الميتتان طاقيًا لا تملكان إحساسًا ولا تمنحان للشخص الإحساس بأنه متصل مع الوسط المحيط. أن يكون المرء على اتصال بالأرض يعني أن يكون على اتصال حسي معه. فالأرض حرفيًا هي المصدر ودعامة وجودنا، ولذلك نسمي الكوكب أمنا الأرض.

إن نوعية الوقفة على القدمين تعكس الشعور بالأمان وبالتالي، الدعم الذي تم تلقيه في السنوات الأولى من الطفولة. وتجارب متلاحقة تؤثر فيما بعد على نوعية الوقفة وكيفية البقاء على القدمين.

الشخص الذي لا يختبر ذلك الصنف من التجذر في سني حياته الأولى سيكون لديه الإحساس نفسه تجاه الحياة الخارجية. "هذه جذوري" يمكن ترجمتها أيضًا على نحو "هذا ما أنا عليه".

لدى أشخاص كثيرون يجري تعويض الضعف في السيقان بنمو زائد للأنا.

ذكاء الشخص متعلق بشكل مباشرة بدرجة ونوعية تجذره في الواقع أو في مستواه من الاتصال بالأرض Grounding.

يفكر الشخص المتجذر بجسمه كله، ومشاعره، وأحاسيسه تشارك بقوة بأفكاره كلها.

فقدنا جذورنا منذ بداية الحياة، عندما أحسسنا بالخوف وانعدام الشعور بالأمان بسبب غياب الدعم. ففي لحظات الشعور بالخوف تنسحب الطاقة من السطح وتتركز في الأجزاء الداخلية ضمن المناطق الأساسية أي الدماغ والقلب. وبالتالي، عندما تنسحب الطاقة من القسم الأدنى من الجسد بناء على اختبار الخوف مما يحصل هو فقدان الاتصال بالأرض الـ Grounding، عوضًا أن يكون الفعل من خلال قدمين في الأرض.

ومن الجدير بالذكر أن الفرد غير المتجذر كائن منعزل، انفصل عن شجرة الحياة، مخلوق من دون بيت، فالبيت بالنسبة لكل شخص هو جسمه خاصته. وبالتالي فما نحتاج إليه هو السقوط في الحقيقة، في حقيقة جسمنا وفي علاقتنا مع الأرض، ولذلك سوف نجد أنه من الضرورة بمكان التطرق إلى تمرين السقوط في نهاية هذا البحث.

ثقافتنا ثقافة فكرية، فإن معظم الأشخاص الذين يعيشون فيها يتوجهون من خلال الرأس. ويستخدمون إرادتهم عبثًا في مجهود لاستعادة حيوية أجسامهم، فالإرادة هي أداة الأنا الذي يبعد الشخص عن الاتصال بجسمه وأحاسيسه. لا يمكن حل هذه المشكلة في الرأس وإنما من الأرض إلى الأعلى، علينا بالأحرى أن نبدأ من أقدامنا.

إذن في المنهج الحيوي الطاقي ثمة موجتان تنفسيتان: واحدة صاعدة عبارة عن نبض طاقي صاعدة عبر القدمين الأمر الذي يقتضي انكماش العضلات الخاصة بالتنفس. والموجة الأخرى وهي نازلة عبر القدمين ويرافقها استرخاء العضلات. موجتان ذات طبيعة نبضية إيقاعية متساويتان فيما يتعلق بكثافة الحياة وامتلائها في داخل الجسم. فهذا المبدأ في قاعدة إثبات عام في المنهج الحيوي الطاقي الذي يحمِّل العينين بشكل مساوٍ تمامًا للتحميل في القدمين. ما أن يتحقق عمل مكثف على التنفس بطريقة أو بأخرى يشعر الأشخاص أن الحمولة الطاقية للقدمين قد ازدادت، ويروي الأشخاص عن تحسن ذي معنى في الرؤية أيضًا. ذلك أن عيونهم تبدو أكثر بريقًا وأكثر شدة.

يساعد تمرين الـ Grounding الشخص على أن ينفتح على الأحاسيس الأكثر عمقًا، وعندما يمارس تمارين تنفس والشعور بالاهتزاز الطاقي يحتاز على تجربة جسمانية كلية يمتلئ من خلالها بالحياة والطاقة. فهم مع شعورهم بأقدامهم تلامس الأرض وبواسطة الاتصال بالأرض يحسون أنهم متصلون بالجسم ككل.

ليس فقدان الشعور بالأمان هو الثمن الوحيد الذي ندفعه من أجل طريقة لحياة من دون جذور في الأرض. بالنسبة للأغلبية إن فعل المشي ليس نشاطًا باعثًا على الشعور باللذة في حد ذاته، وإنما هم يسيرون من أجل الوصول إلى ثمة مكان أو كمجرد تمرين لا أكثر.

إن الحركات الرشيقة (اللطيفة) هي السمة الأساسية للفرد المتصل بالجسم وبالأرض. وعندما يتحرك شخص بطريقة ظريفة فهو على اتصال بالإيقاعات الأكثر عمقًا للحياة. وفقدان الرشاقة (الظرافة) يشير إلى فرد غريب عن عالمه. وعوضًا عن استسلام إرادته في حركات انسيابية تراه لا يشعر بالأمان وفاقدًا للمرونة.

إنما تعود طبيعة الرشاقة (الظرافة) إلى الشعور بأننا نملك الدعم وحافز أمنا الكبرى أي الأرض.

قوتنا تأتي من الأرض مثلما هو الأمر عند الأشجار. فإذا ما تم قطع جذورنا مع الأرض، فسوف نموت، ليس موتًا جسمانيًا، وإنما موت طاقي أو روحي.

من الأهمية بمكان التأمل بكيفية عمل الجزء العضلي لمشط القدمين في إتاحة هذا الاتصال. ألكسندر يرى صورة موجة استثارة إلى أسفل من خلال الساقين في حركة حلزونية. وفي النهاية فإن الحركات الحية كلها لديها اتجاه حلزوني. فالحياة لا تحدث ضمن خط مستقيم. والجزء العضلي لمشط القدم هو مثل قمة شيء يقوم بتركيز وتفريغ الحمولة. يحصل التفريغ في حركة معاكسة نحو الأعلى من خلال الساقين وصولاً للمنطقة التناسلية. اختبر ألكسندر هذه الحركة الصاعدة عدة مرات، ومع ذلك لا يتوقف التيار عند الحوض أو المنطقة التناسلية فإن موجة العودة تتابع تحركها نحو الأعلى من خلال الظهر حتى الرأس. وثمة نقطة في قمة الرأس مواز للقمة للجزء العضلي من مشط القدم. وهذه القمة الأخرى تتمركز في فروة الرأس حيث الشعر يدور في دوامة حول النقطة المركزية التي هي الأخرى نقطة تفريغ.

ومن الجدير ذكره أنه كما القدمان هما مركز اتصالنا بالأرض فحدقتا العين لهما وظائف مشابهة للقدمين فالعين هي نقطة اتصالنا البصري مع العالم الذي نحن فيه.

ولابد من الإشارة أيضًا إلى أن الجسم يحتاج إلى توازن طاقي. فالحمولة والتفريغ الطاقيان يجب أن يكونا متساويين. وإذا ما كانت حمولة فرد تزداد إلى ما هو أبعد من قدرته على تفريغها فإن توازنه يختل وحركاته تصبح شواشية، ويشعر بالضياع. وإذا كان تفريغ الطاقة أعظم من عامل الطاقة الممتصة فالشخص يضعف ويموت.

أخيرًا وليس آخرًا، فالخوف عظيم من أن يصبح المرء منظومة أكثر حياة وأن يعاين الخوف أي خوفه الحقيقي، والحب، والغضب، والحزن، وأن يتخلى عن الدفاعات العصابية كسمة الطبع التي سوف تكون موضوع فقرتنا التالية. لدى المرء إذن خوف من الاستسلام للأحاسيس، وللحياة، وللجسم، وهذا واقع ذو طابع معدٍ ينتقل بالعدوى بين أفراد أجيالنا، الأمر الذي يجعل المرء يحقِّر الجسم على حساب العقل. وبالتالي فإن فكر الفرد هو أسمى من مشاعره وأحاسيسه، والقدرة أكثر أهمية من السرور، والفعل يعطي معنى للحياة، وليس أن يكون أي أن يوجد، أن يكون سعيدًا بذاته. هذا الموقف الذي يسم الشخص النرجسي الذي أصبح اليوم هو الشخصية المهيمنة في ثقافتنا المعاصرة.

علم الطباع الإنسانية

قبل أن نخوض في علم الطباع الإنسانية من منظور ألكسندر لوون الذي طوره عن معلمه فيلهلم رايش، وهذا الأخير اقتبس أو بالأحرى أنضج هذا المفهوم من خلال المعلم الأول زيغموند فرويد الذي رسم معالم طباع معينة وفق سيرورة نمو الليبيدو عند الطفل فأسمى هذه المراحل التي ميزت طبعًا خاصًا من خلال تفاعل الليبيدو في هذه المرحلة أو تثبته عليها فتمنح للطبع سمته العصابية. أولاً: الطبع الفموي؛ ثانيًا: الطبع الشرجي؛ ثالثًا: الطبع القضيبي؛ رابعًا: الطبع التناسلي. وإذا تحدثنا بلغة الغشتالت فالغشتالت يبدأ بالفموي وينغلق في التناسلي، إنه دائرة تشير إلى نضوج الكائن الإنساني لكي يمارس فعالياته بنجاح في المجتمع ككل.

والآن أتى رايش فطور الموضوع مع تركيزه على هزة الجماع كاملة تكون معيارًا للصحة السوية للإنسان، وبالتالي فإن بنى الطبع هذه ليست أكثر من آليات دفاع ذات طبيعة عصابية يتم فيها انحصار الليبيدو أو الطاقة الجنسية، وبالتالي إذا ما أردنا تحرير هذه الطاقة علينا أن نخوض في هذه المتاهة التي هي بنية الطبع وأن نعمل على تفكيكها حتى يتكامل الكائن الإنساني ككل، ويستطيع بلوغ هزة جماع كاملة تشمل الجسم بأكمله في موجة من النشوة تكون معيار الشفاء.

التحول الذي طرأ على نظرية نمو الليبيدو وتشكل الطبع عند فرويد هو ما يلي:

بالنسبة إلى رايش فما يميز تشكل بنية الطبع تكون بادئ ذي بدء ما يسميه بالدرع العضلي، وهو الذي يحتوي على عضلات ذات توترات مزمنة تحدد آليات الدفاع وبالتالي بنية الطبع ذا الميل العصابي. فهذه التوترات يتم احتباس الطاقة فيها وبالتالي لا تنساب عبر الجسم الأمر الذي يشير إلى مقدار صحته الداخلية.

في الحقيقة إن رايش يضيف مرحلة على ما أسماه فرويد بالطور الفموي، ويسميها رايش بـ"المرحلة الرؤيوية" ففي رأيه أن المنطقة النوعية الأولى التي يتصل من خلالها الرضيع مع العالم والمشاعر والأحاسيس كاستجابات تنشأ عن هذه المنطقة بالذات. وهذه المنطقة حساسة لدرجة أنها أول منطقة تتلقى الشعور بالصدمة من خلال تعابير الغضب أو غير ذلك ممن يحيط بالرضيع. ثم تأتي المرحلة التي أشار إليها زيغموند فرويد "المرحلة الفموية"... الخ.

أما الدرع العضلي الذي أشرنا إليه من خلال ما أشرنا إليه "العضلات التي تحوي التوترات المزمنة". وتبدأ أول ما تبدأ بالحلقة الرؤيوية حول الجمجمة ثم الحلقة الفموية ثم حلقة الرقبة ثم حلقة الحجاب الحاجز حيث تتسع منطقة الصدر بين حلقة الرقبة وحلقة الحجاب الحاجز. ثم حلقة الحوض والتي تحتوي أيضًا على منطقة البطن بين عضلة الحجاب الحاجز والحوض. وثمة حركتان أساسيتان واحدة طاردة نحو السطح أي الجلد حيث تتمركز الطاقة فتتجلى (العدوانية) أو (الانشراح) و(الشعور باللذة)، وأخرى جاذبة إلى المركز وتتصف بالانكماش والألم والقلق وتتسم بالهروب من مواجهة الخوف وتضاؤل مستوى الطاقة على سطح الجسم، والعمل العلاجي يتناول العمل على تحرير التوتر من أجزاء الدرع العضلي حلقة فحلقة كما أشرنا آنفًا، بدءًا من الحلقة "الرؤيوية" وصولاً إلى الأخيرة "الحوض".

هذا من جهة، والعمل على الحركة الطاردة من المركز، ومن جهة أخرى الجاذبة لخلق توازن ديناميكي وإعادة الكائن الحي إلى مساره السوي.

تطور من هذا كله مفهوم صديقنا الدكتور العالِم الكبير ألكسندر لوون بما أشار فتمايزت خمسة أنماط أساسية نستطيع استنباطها سواء على المستوى النفسي أو حتى على المستوى العضلي... ومن الجدير بالذكر الإقرار بأنه ما من أحد هو عبارة عن نمط واحد فقط، وإنما يضم مستويات متنوعة في شخصيته. ولكن أحدها يبدو أكثر تمايزًا من الأخرى وعلى هذا النحو فما يتطابق مع ما ذكرناه بالنمط الرؤيوي الذي يختص بالمرحلة الرؤيوية السابقة للمرحلة الفموية يسميها الدكتور ألكسندر:

1. بنية الطبع الفصامي (المجزأ)

الحالة الحيوية الطاقية:

إن الطاقة مقموعة دون البنى المحيطية للجسم، ولنعلم أنها بعيدة عن الأعضاء التي تقيم اتصالاً مع العالم الخارجي: الوجه، واليدان، والأعضاء التناسلية، والقدمان.. ونلقى هذه الأعضاء منفصلة عن المركز إلى حد ما لأن استثارة المركز لا تنساب مباشرة لهذه الأطراف، وهذه الأعضاء، لكونها محتبسة من خلال توترات عضلية مزمنة متموضعة في قاعدة الرأس، والكتفين، وفي الحوض، وفي مفاصل الورك. وبالتالي، تصبح الوظائف التي تقوم بها هذه الأعضاء منفصلة عن المشاعر الموجودة في مركز الشخص. ولذلك أسميناه أيضًا بالطبع (المجزأ).

المتلازمات النفسية:

ليس لائقًا الانطباع عن الذات أمام غياب التواحد مع الجسم فلا يشعر الشخص أنه متصل ولا أنه متكامل جسميًا.

الميل إلى الانفصال عن المستوى الجسماني من خلال غياب الاتصال الجسماني بين الرأس وباقي الجسم، مما ينشئ حالة من انقسام في الشخصية على شكل مواقف متناقضة. فمن الممكن على هذا النحو أن نلقى سلوكًا متعجرفًا وفي الوقت نفسه يكون وضيعًا، أو مثل سلوك عذراء إلى جانب سلوك عاهرة في الوقت نفسه أيضًا. وتعكس هذه السلوكيات انشطارًا للجسم إلى قسمين أعلى وأسفل.

يتصف الطبع الفصامي (المجزأ) بالحساسية المفرطة بسبب هشاشة محدودة تحيط بالأنا، وهي تعويض نفسي عن غياب الحمولة الطاقية المحيطية.

يظهر الطبع الفصامي ميلاً شديدًا لتجنب العلاقات الحميمة والفردية. وفي الحقيقة، فمن الصعوبة بمكان أن تستقر هذه العلاقات بسبب نقصان البنى المحيطة للاتصال.

إن إرادة الحث على الأفعال تعطي سلوك الفصامي صبغة اصطناعية فتتناول على هذا النحو التصرف الذي نسميه "كما لو أن" مما يعني كما لو أنه قائم على مشاعر، لكن الأفعال في حد ذاتها لا تعبر عنها.

2. بنية الطبع الفموي (الطفولي)

الحالة الحيوية الطاقية:

البنية الفموية هي حالة من حمولة طاقية منخفضة. فالطاقة ليست منحصرة على المركز فقط كما هي الحال لدى الفصاميين، لكنها تنساب حتى محيط الجسد ولكن بشكل ضئيل.

إن نقصان الطاقة والقوة هي الأكثر ظهورًا في القسم الأسفل من الجسم، لأن نمو الجسم الطفولي يحصل نحو الاتجاه الرأسي.

المتلازمات النفسية:

لدى الفرد ذو الطبع الفموي صعوبات لكي يعتمد على نفسه فهو ينزع لأن يكون عالة أو مدعومًا من قبل أحدهم. ومع ذلك، فهذا ميل يمكن أن يخفي وراءه موقفه الاستقلالي المفرط. فأن يدعم نفسه، ينعكس في الوقت نفسه في عدم مقدرته على البقاء وحيدًا. وثمة رغبة مفرطة في أن يكون برفقة أشخاص آخرين لكي يتلقى دفء محبتهم ودعمهم. إن الفرد ذا الطبع الفموي خاضع لتناوبات المزاج بين الكآبة والنشوة بسبب مستوى طاقته المنخفض. والميل إلى الكآبة هو السمة المرضية المميزة للسمات الفموية في الشخصية.

ميزة نمطية أخرى للفموي هي الموقف الذي يتبناه بأن الأشياء تنتسب له أي أن الآخر مديون له بها. ويمكن إظهار ذلك من خلال الفكرة بأن على العالم أن يسنده. إنه مركب ينجم بشكل مباشر عن تجاربه الأولى من الحرمان.

3. بنية الطبع المعتل نفسياً (المنزاح)

الحالة الحيوية الطاقية:

ثمة نمطان، والأجساد تتوافق مع هاتين البنيتين للمعتلين نفسيًا. فالنمط المستبد هو الأكثر سهولة لشرحه، ذلك أن النمط الآخر هو الغاوي أي الذي يغوي الآخر لكي يقع في إساره وتحت هيمنته... إذن لن نخوض في هذا النمط الفرعي من بنية الطبع المعتل نفسيًا، وإنما سوف نخوض ما ذكرناه بالنمط المستبد، فالحصول على قدرة أكبر من شخص آخر يحدث عندما يكون واحد في مستوى أعلى من الآخر. ففي هذا النمط ثمة انزياح واضح للطاقة نحو الطرف الرأسي للجسم.

بشكل عام ثمة تقلص واضح جدًا حول الحجاب الحاجز والخصر، الأمر الذي يوقِف نزول تيار الطاقة والمشاعر.

المتلازمات النفسية:

يحتاج الفرد ذو الشخصية "المعتل نفسيًا" لأحد ما كي يسيطر عليه، وبالتالي فثمة حد ما من الطبع الفموي في كل الأفراد "المعتلين نفسيًا".

وإذا ما نظرنا لحاجة هذا النمط للسيطرة عن كثب لرأيناها مرتبطة بخوفه من أن يُسيطَر عليه الأمر الذي يعني استخدامه.

الجنسانية موظفة بشكل ثابت في هذه اللعبة لبلوغ القدرة. فالمعتل نفسيًا غاو مع مظاهره في التحكم بالآخرين.

إنكار المشاعر بشكل أساسي هو إنكار للحاجات. فاستراتيجية المعتل نفسيًا يكمن في جعل الآخرين باحتياج دائم له، ولكي لا يحتاج التعبير عن هذه الحاجة فإنه يبقى دائمًا على هذا النحو فوق الآخرين.

4. بنية الطبع المازوخي

الحالة الحيوية الطاقية:

على خلاف بنية الطبع الفموي. فالمازوخي موهوب بمستوى عال من الطاقة التي تظل مع ذلك محتبسة بشكل قوي في الجسم، ولكن ليس بشكل مركَّز.

إن الأعضاء المحيطية هي أقل تحميلاً بالطاقة بسبب الكبت الداخلي الشديد، الأمر الذي بقدر ما يمنع من تفريغ الطاقة فكذلك أيضًا ينطبق الأمر على الإطلاق الطاقي، أي أن الأفعال التعبيرية تكون محدودة.

الكبت الداخلي من الشدة بمكان أنه يؤدي إلى انضغاط وانحلال قوى الجسم. يظهر الانحلال في الخصر، في حين يرزح الجسم تحت ثقل توتراته.

تتعرض الدوافع التي تتحرك نحو الأعلى، ونحو الأسفل للاختناق في الرقبة، وفي الخصر مما يؤدي إلى ميل قوي للتعبير عن القلق عند هذه الشخصية.

إن امتداد الجسم بمعنى الاتساع أو السعي لشيء خارج ذاته محدود على نحو كبير. كما أن الإقلال من الامتداد يؤدي إلى قصر في البنية الموصوفة أعلاه.

المتلازمات النفسية:

بسبب كون الكبت شديد، فالعدائية، وإثبات الذات يصبحان ضئيلين جدًا. وعلى عكس إثبات الذات، فالشخص المازوخي يُظهِر مشاعر ظلم وشكاوى. وهذا هو التعبير الشفهي الوحيد الذي يتمكن من الخروج بسهولة من حنجرة تكاد تكون مخنوقة. ويحل مكان العدائية السلوك الاستفزازي ذو هدف هو استجابة قوية بالشكل الكافي من قِبَل الشخص الآخر لكي يمتلك المازوخي فوق كل شيء الشروط للتحرك بعنف وانفجاري حتى في الحالات الجنسانية.

إن ركود الحمولة الطاقية الذي يسببه العنف المكبوت يؤدي إلى تكون الشعور بأنه "عالق بالوحل" وذلك باعتبار المازوخي عاجز عن التحرك بحرية.

إن موقف الإذعان والتودد هما سمتان مميزتان للسلوك المازوخي. وثمة على مستوى الوعي تمثل محاولته في أن يكون مُرْضيًا أمام الآخرين، ولكن هذه الحالة على مستوى اللاوعي مرفوضة بسخط، وذلك بسبب السلبية والعدائية. وعلى هذه المشاعر المكبوتة أن تُطلَق من جانب المازوخي قبل أن يتمكن من الحصول على استجابة مرحة أمام مواقف الحياة المتنوعة.

5. بنية الطبع الصلب

الحالة الحيوية الطاقية:

ثمة حمولة طاقية قوية على نحو يؤخذ بعين الاعتبار عند هذه البنية من الطبع وفي كل النقاط المحيطية للاتصال مع الوسط المحيط. فإن هذا يسهل اختبار الحقيقة قبل أن يتصرف.

كبته محيطي، ولكونه على هذا النحو، فبإمكان مشاعره الانسياب، ولكن ظهورها محدود.

المتلازمات النفسية:

إن أفراد بنية هذا الطبع هم بشكل عام دنيويون، وجشعون، وتنافسيون، وعدوانيون. أما الانفعالية فيتم اختبارها على أنها جانب ضعيف من شخصيتهم.

هكذا بمقدور شخص كهذا أن يكون عنيدًا، ولكن من الصعوبة بمكان إغضابه، ويأتي هذا العناد من غروره إلى حد ما، فلديه خوف من الإذعان لئلا يبدو بمظهر الغبي، ولذلك يظل متكتمًا. ومن جانب آخر، لديه خوف من أن يتسبب الخضوع لفقدانه لحريته.

إن الفرد ذا الطبع الصلب يواجه بشكل عام وسطه المحيط بشكل ناجح جدًا.

للختام

يقول ألكسندر لوون في كتابه المنهج الحيوي الطاقي:

يكمن عيب تقنية التحليل النفسي تجاهلها للجسد، وذلك في محاولة هذه التقنية مساعدة المريض في التغلب على صراعاته الانفعالية. فإذا لم تقدم الأفكار التي تبرز خلال مدة العلاج أيَّ تجربة هامة للجسد، فستكون هذه الأفكار عاجزة عن إحداث تغييرات أكبر في الشخصية. كنت أرى غالبًا مرضى بعد سنين طويلة من العلاج بالتحليل النفسي، وقد توصلوا إلى معلومات كثيرة، ولكن إدراكهم ضئيل لحالتهم، وظلت مشاكلهم على حالها، ولم يجدوا حلاً لها. فالمعرفة تصير إدراكًا عندما تكون مصحوبة بالإحساس، وفقط إدراك عميق مصحوب بإحساس قوي يكون قادرًا على تغيير مستويات مكوِّنَة للسلوك.

من هذا المنطلق كان لابد في هذا المنهج من لجوء المعالج للتدليك أحيانًا لإطلاق التوترات من العضلات ذات التوتر المزمن. وكان لابد للجوئه لتقنية التنفس البطني العميق وتقنية الصراخ واللجوء للبكاء العميق وتفريغ الغضب من خلال ركل الأريكة في عيادة الطبيب، أو توجيهه ضربات للوسادة، أو حتى من خلال شده بين فكيه على قطعة قماش... الخ، وطور ألكسندر لوون تمارينًا عظيمة أغنت تقنية رايش العلاجية فأضحت مدرسة في حد ذاتها مؤسسها ألكسندر لوون التلميذ الروحي لرايش وأسمى ألكسندر لوون مدرسته بـ"المنهج الحيوي الطاقي" حيث يعلم المرضى أو التواقين تمارينًا حيوية كالقوس، وتمرين الاتصال بالأرض، وانعكاس هزة الجماع، وتمرين السقوط الذي لم نتطرق له، ويقف فيه المريض على قدم واحدة فوق فراش يستطيع امتصاص صدمة السقوط. فتمرين السقوط يعني الاستسلام للجسد على خلاف شعور الأنا بالهزيمة عند السقوط. فالعصابيون يخشون السقوط لأنهم بتركيزهم على الأنا تشكل الهزيمة بالنسبة لهم حالة السقوط نفسها التي لا يمكن تفاديها وهي إحدى أسرار الطبيعة، والجسد. ففي عملية السقوط ليس هناك استمرارية للمحاولة في السيطرة على الجسد وعلى الظرف المحيط وعلى الحدث وعلى حاجات الجسد... الخ، عوضًا عن ترك نفسه تنساب وسط تيار الحياة وتتخلى طوعًا عن الإرادة لتصبح مشيئة الكون التي تتوافق آنئذ مع حكمة الجسد في توجيهه نحو محيط الحياة اللامتناهي.

إذن باختصار، لابد من إشراك الجسد في العمل العلاجي إذا ما شئنا بلوغ شفاء حقيقي.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، الرسوخ في الجسد يعني التحرر من إسار العقل للوعي، والإحساس والشخص في حد ذاته. وبالتالي فالدخول إلى الجسد يعني اتحاد الوعي بالانفعال كما هو من دون محاكمة أو شجب. وبالتالي فالدخول إلى الجسد يتم من خلال الاتحاد بالانفعال أن يصير المرء هو الانفعال نفسه إذاك لا يكون ثمة سوى الانفعال والجسد هنا ليس أكثر من نابض بالحيوية أي حيوية الاهتزاز. الجسد هنا ما هو المرء عليه.

وفي أي حال من الأحوال الانفعال يصبح سامًا عندما يجري شجبه، وبالتالي كبته فيملأ الجسد بسمومه، ولا يجري التحرر منه إلا من خلال الوعي، ويصبح الانفعال إيجابيًا حاملاً للنعمة إلى كينونة الإنسان. وبعبارة أخرى، فالانفعالات السامة يمكن أن تصبح ترياقًا للجسد إذا ما تم التعبير عنها أولاً والعمل على تحويلها ثانيًا. إذن، يتحول الغضب إلى حنان، والاكتئاب إلى ولادة جديدة في فرح الوجود، واليأس إلى أمل، والضياع إلى إيمان حقيقي كلها قائمة على سياقات بيولوجية للجسد نفسه.

للتلخيص

الهدف من تمرين "الاتصال بالأرض" هو الإحساس بحيوية القدمين والسماح لموجة الاهتزاز الطاقية بالعبور من خلالهما مع استخدام الصوت والتنفس البطني العميق وتحريكهما وفقًا للإيقاع النبضي للاهتزاز. فالنبض يبعث بالاهتزاز، وتظهر من خلال هذا الأخير الطاقة الشفائية للنفس والجسد.

اختبار وتعليق

يذكر ألكسندر لوون مؤسس المنهج أنه حين كان في منزله على الشاطئ، أخذ يتنزه على الشاطئ ذات يوم حين أتت موجة من الطاقة منبعثة من الأرض انسابت عبره على نحو أحس في أنه أصبح بوعيه (في جسمه) على ارتفاع عن الأرض بمقدار خمسة سنتيمترات، وأن الموجة عبرت شعر رأسه كله. وبالنسبة له فالشعور بالطاقة تنساب عبر الجسم هو ما نسميه بالتحقيق (تحقيق الذات العميقة).

في رقصة الدراويش (المولوية) نراهم يدورون بحركة دورانية من دون توقف تبدأ الحركة من القدمين وتشمل الجسم كله من الأسفل وإلى الأعلى. فالهدف الذي يجري تحقيقه في كل هذه الأشكال هو تحرك الطاقة من القدمين إلى أعلى، وهي تجتاز الجسد وتكمل الدورة عائدة إلى الأرض.

فائض الطاقة المتراكمة يؤدي للانحطاط على نحو شبيه بما يجري للمحيط عندما يترك نفاياته على الشاطئ عند حركة الجزر. وأما الاهتزاز فهو أشبه ما يكون بحركة المد الذي يأخذ معه كل النفايات حتى تراب الشاطئ بارتفاع المياه وامتدادها، وهكذا فالاهتزازات القوية توقظ السياق الطبيعي لشفاء الجسد والنفس.

اختبار وتعليق

يقول ألكسندر لوون:

هدفي هو جعل الاهتزازات تبدأ في القدمين، ومن صعودها عبر الجسد. فإذا ما ازدادت الحمولة في القدمين والساقين فإنهما تأخذان بالارتعاش بقوة. وهكذا يبدأ سياق الشفاء الذي تعمل على تهيئته الاهتزازات نفسها.

التنفس البطني الكامل يفعل مثل موجة تعبر الجسم صعودًا مع الشهيق، وهبوطًا مع الزفير، توترًا مع الشهيق، واسترخاء مع الزفير.

الرعشة أي هزة الجماع هي الخبرة الأكثر عمقًا والأكثر جسمانية لوحدة الإنسان مع جسمه والطبيعة والكون. الرعشة أي هزة الجماع هي المدخل البيولوجي لفهم الإحساس بالوجد الصوفي والذوبان في الكون والألوهة... الألوهة هي تلك الذروة التي يغيب فيها الصوفي في حالة من الوجد التي يعبِّر عنها الجسد المتواضع من خلال خبرة هزة الجماع... وهذه الهزة لا يمكن اختبارها من خلال لذة موضعية أو إثارة لحظية، وإنما في البداية هي استثارة ولذة تتحول إلى هزة هائلة وشعور بالنشوة يشمل الجسد بكليته في موجة اهتزازية حتى ذات طبيعة كهربية أحيانًا ولكنها أورغونية (نسبة لطاقة الأورغون أو البرانا طاقة الحياة) بامتياز كما لو كانت معمودية للجسد وولادة جديدة له. ونشاط حي وشعور عميق بالسلام.البداية هي استثارة ولذة تتحول إلى هزة هائلة وشعور بالنشوة يشمل الجسد بكليته في موجة اهتزازية حتى ذات طبيعة كهربية أحيانًا ولكنها أورغونية (نسبة لطاقة الأورغون أو البرانا طاقة الحياة) بامتياز كما لو كانت معمودية للجسد وولادة جديدة له. ونشاط حي وشعور عميق بالسلام.البداية هي استثارة ولذة تتحول إلى هزة هائلة وشعور بالنشوة يشمل الجسد بكليته في موجة اهتزازية حتى ذات طبيعة كهربية أحيانًا ولكنها أورغونية (نسبة لطاقة الأورغون أو البرانا طاقة الحياة) بامتياز كما لو كانت معمودية للجسد وولادة جديدة له. ونشاط حي وشعور عميق بالسلام.